207

وبعد ، فإن ظاهره يقتضى أنه تعالى قد كلف ما لا يستطيعه الإنسان ولو حرص عليه ، وليس ذلك مذهب القوم ؛ لأن عندهم أن الكافر لو كان المعلوم من حاله أن لو اشتد حرصه على الإيمان فأراده ، كان لا يقع الإيمان ، لم يحسن أن يكلف!

** 175 مسألة :

فقال : ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ) [137].

والجواب عن ذلك : أنا قد بينا الوجوه التى ينصرف الهدى عليها ، وأنه لا ظاهر له بالإطلاق إلا الدلالة ، ما لم يكن فى الكلام ما يوجب صرفه إلى غيره ، وفى هذا الظاهر ما يوجب أن المراد به أنه (1) متى مات على كفره أنه لا يهديه سبيل الجنة ، بل يضله عنها ، ولذلك جعله جزاء على كفره والزيادة فيه (2)، كما جعل قوله : ( لم يكن الله ليغفر لهم ) بهذه المثابة.

ويبين ما قلناه أنه بين حال الكافر وما أقدم عليه من الكفر حالا بعد حال ، ثم بين أنه فى المستقبل لا يغفر له ولا يهديه السبيل ، وهذا لا يصح إلا بأن يحمل على ما بيناه.

ولو أراد بذلك أنه لم يهده من قبله بل أضله بخلق الكفر لوجب أن يكون

وفى الترمذى بلفظ : ( ...

صحيح الترمذى : 5 / 80. وفى النسائى وابن ماجة (. ثم يقول : اللهم هذا فعلى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك ) 2 / 157. ابن ماجة : 1 / 311.

Bogga 208