بالاستخفاف بهم وجعلهم مركوسين فى ذلك ، متردين فيه ، فمن أين أن المراد به النفاق؟
ويبين ما قلناه أنه تعالى علق إركاسهم بكسبهم ، فقال : ( والله أركسهم بما كسبوا ) فيجب أن يكون ذلك غير كسبهم النفاق ، ليصح معنى الجزاء فيه.
وقوله تعالى : ( أتريدون أن تهدوا من أضل الله؟ ) معناه : من أضله بالعقاب والأخذ به إلى طريق النار.
وقد يراد بذلك أنه أضله بسوء فعاله عن زيادات الهدى ، من حيث أخرج نفسه من أن يصح فيه وعليه ذلك ، ولعمرى إن من أضله الله بهذه الوجوه لا يصح من أحد أن يهديه إلى الجنة والثواب البتة. وإنما ذكر تعالى ذلك منكرا على الفئة التى أحبت من المنافقين النجاة والفوز ، ولذلك قال فى صدر الكلام : ( فما لكم في المنافقين فئتين ) (1).
ثم قال تعالى : ( ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ) أى : الخلاص من الضلال ؛ لأن هذه الكلمة إذا أطلقت لم تستقل بنفسها ، فيجب حملها على ما تقدم ؛ لأن أحدنا لو قال : إن زيدا لا يستطيع سبيلا ، لا يفهم بكلامه المراد ، فإذا تقدم ذكر الضلال فيجب حمله عليه.
ثم يقال للقوم : إن كان تعالى أوقعهم فى النفاق على ما زعمتم وأضلهم
Bogga 196