181

الطاعة من العباد دون المعاصى ؛ لأنه تعالى أضاف إرادة الميل الواقع من العاصى إلى غيره ، وأضاف إرادة التوبة إليه ، وامتن بأنه تعالى أراد التخفيف علينا. ولو كان قد أراد الكفر لم يصح هذا الامتنان.

ومن وجه آخر ، وهو أن من يريد الله منه التوبة فى المستقبل لا بد من أن يكون عاصيا فى الحال ؛ لأنه تعالى لا يريد ممن لم يعص البتة أن يتوب ؛ لأن التوبة هى الندم على ما كان منه ، ولا يصح الندم على الطاعة والحسن ، وإنما يصح أن يريد التوبة فى المستقبل من الكافر والفاسق ، فلو كان تعالى يريد أن تتجدد المعصية فيهم حالا بعد حال ، لم يصح أن يصف نفسه بأنه يريد فيهم خاصة أن يتوب عليهم.

** 152 دلالة :

بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ) [ 29 30 ] فدل تعالى على أن من يفعل أكل المال بالباطل وقتل النفس (1) يدخله النار لا محالة ، وقد يوصف بذلك الفاسق من أهل الصلاة ، كالكافر ، فيجب حمل الآية على العموم ، ومعقول من حال الكلام أنه يريد النهى عن أن يأكل بعضنا أموال بعض ، لأن من ملك المال لا ينهى عن أكله ، والوعيد وارد عليه على (2) الحد الذى وقع النهى عنه ، فليس لأحد أن يتعلق بذلك.

فأما قتل النفس فالنهى يتناول فيه أن يقتل بعضنا بعضا و (3) أن يقتل نفسه ،

Bogga 182