فإن كل من له عقل يدرك مثلا أن الظالم الذي يظلم الناس ويأخذ أموالهم بغير حق ويقتل الضعفاء والمساكين إنسان مرتكب للقبيح من الفعال، وأنه يستحق بأفعاله تلك الذم والعقاب.
حتى أن كل من لا يؤمن بالله ولا برسوله ولابدين من الاديان من العقلاء ليعرف أن الظلم قبيح، وأن من قتل الأطفال وأخاف النساء وأخذ الأموال بغير حق ظالم يستحق الذم والعقوبة على فعله.
وأن من أحسن إلى الضعفاء والمساكين والأرامل، وأعان الأعمى وأغاث الملهوف والغريق فإنه يعتبر محسن يستحق على فعله المدح والثناء والمكافأة،
وقد اتفق العدلية على أن العقل يدرك ذلك.
وقال المتسمون بأهل السنة: إنه لا قبيح إلا ما قبحه القرآن والسنة، ولا حسن إلا ما حسنه القرآن والسنة، وأنه ليس هنالك أمور قبيحة لذاتها ولا حسنة لذاتها.
حتى انه لو قال الله:إن الظلم حسن لأصبح حسنا، وكذا الكذب وغيره، ولو قال الله:إن شكر المنعم ورد الوديعة والإحسان إلى الضعيف قبيح لأصبح قبيحا.
فليس يدرك العقل عندهم حسنا ولا قبحا، وإنما المحسن والمقبح الشرع؛ فما حرمه الله فهو القبيح وما أحله فهو الحسن، ولا دخل للعقل في شيء من ذلك.
Bogga 10