وكان قد أخبر جيرار بأمره، وقال له: إذا قلت لي إنها لا تحبني يكون حزني عظيما، ولكن لا يبقى لي حجة بخطبتها. فلقيه جيرار بعد بضعة أيام، وقال له: لقد سألت أختي فقالت إنها تحبك.
فعانقه مرارا وقال له: لقد صيرتني أسعد الناس بما قلته لي، ولكن ما الذي يحمل أمك على رفض طلبي؟
قال: لا أعلم، فإنها لا تزال مصرة على الرفض، وقد أبت أن تجيب على أسئلتي. - ومودست؟ - تبكي وتأبى الخروج من المنزل؛ حتى إنها برحت وقد نهيتها مرارا عن التمادي في الحزن، ونصحتها نصيحة أخ وطبيب، فكنت كالنافخ في رماد. - ألم تشفق أمك لأحزانها؟ - يظهر أنها لا تريد أن تسمع أو ترى شيئا.
وفي اليوم نفسه أخبر أباه بما كان بينه وبين أخيها، وسأله أن يعود إلى الطلب فقال له: لا أجد فائدة من ذلك؛ فإن أمها شديدة العناد وأنا أعرفها من عهد بعيد.
غير أن روبير ألح على أبيه وفاز بإقناعه، فخلا فولون بمرسلين وقال لها: إني أتيت بالرغم عني؛ لأن ولدي ألح علي بمراجعة الطلب.
قالت: أية فائدة من العود إلى هذا الحديث؟ - هذا ما قلته له ولكني علمت أنهما متحابان، وهذا ما يحملني على الاعتقاد بأنك لا تحبين بنتك.
فلم تجبه بشيء. فقال: ولكن بنتك وولدي يتحابان؟ - كلا، فسل مودست. - لقد سئلت وأجابت. - من الذي تجاسر على سؤالها؟ - رفقا يا مرسلين ولا تغضبي. - لقد سألتك يا سيدي من الذي تجاسر على سؤال ابنتي بغياب أمها؟ - واحد من الذين لهم الحق بسؤالها. - من الذي يحق له هذا السؤال غيري؟ - ولدك؛ أي أخوها، وهو الذي قال لولدي: لا تقنط فإنها تحبك، ولا بد لأمي أن توافق في النهاية. - محال. - مرسلين، اسمحي لي أن أكلمك كما لو كنت أقرب أقربائك؛ فإني أراقبك منذ عرفتك فوجدت فيه أخلاقا غريبة، ولا سيما حين أردت الاقتران بك، فمن أين أتيت ومن هو أبو ولديك؟ - وأنت لماذا تسألني هذه الأسئلة، ألعلي تدخلت في شئونك؟ إني أحب الظلماء وأريد أن أبقى على ما كنت عليه من التنكر، ألم تلقبوني بالمتنكرة الحسناء؟ - هو ذاك، ولكن أي ذنب لي في الأمس إذا كنت أحببتك؟ وأي ذنب لولدي اليوم إذا أحب بنتك؟
وبعد، أيوجد أعجب من رفضك مصاهرتنا؟ إن معظم الأمهات يتمنين مصاهرة ولدي، ليس لأنه من كبار الأغنياء، بل لأن له من الأخلاق الكريمة ما لا ينكره عليه أحد، وعلى الجملة فإنك إذا أصررت على الرفض أسأت إلى ولدينا إساءة لا تغتفر، فهل تتحملين تبعة هذه الإساءة؟
إن مرسلين لو خيرت بين الموت وبين الإباحة بسرها لآثرت الموت، وتلقته بملء الارتياح، ولكنها إذا وافقت على هذا الزواج تحتم عليها أن تبوح بسرها، وأن تذكر اسم بوفور زوجها ووالد بنتها، وأن تذكر اسم داغير غاويها ووالد ابنها، وقضي عليها أن تكشف كل ماضيها لزوجها، وقد أصبح كالخيال، فتكون كأنها قتلته بيدها؛ ولذلك لم تجب بشيء.
أما فولون فإنه مضى في حديثه فقال: لقد قلت لك حين أحببتك من قبل إني لا أسألك شيئا عن ماضيك إذا رضيت بي زوجا؛ ذلك لأن الأمر كان منوطا بي وحدي في ذلك العهد، أما اليوم فإنه منوط بولدي؛ ولذلك يحق لي حين أخطب له ابنتك أن أسألك إماطة الحجاب عن سر تنكرك، فإذا أبيت الجلاء حق لنا ولولديك أن نشكك في ماضيك بالرغم عما لك في صدورنا من الاحترام، فإذا تعاظم الشك ألا ينقص الاحترام.
Bog aan la aqoon