ومرت بهما عدة أيام وهما على أهنأ حال حتى لقد كانت مرسلين توجس خوفا من هذه السعادة وتتوقع أن تفاجأ بعدها بنكبة.
وقد كتبت إلى أبيها تنبئه بما حدث لها، وأنها لم تكتم خطيبها شيئا من ماضي حياتها، فأجابها مهنئا وسألها أن تعود إليه مع خطيبها.
وعاد الاثنان إلى الكونت الشيخ، واتفقوا على أن يعقد الزواج في شهر تيموز، ولكن قدر على مرسلين أن تحضر حفلة إكليلها وهي بملابس الحداد فقد توفي أبوها الكونت قبل زواجها بأسبوع.
ولنعد الآن إلى سياق الحديث الأول؛ أي إلى ما جرى بعد اختفاء مرسلين؛ فإن قاضي التحقيق ومعاونه وقومسيير البوليس وجدوا بوفور مغميا عليه في غرفة امرأته، فعالجوه حتى استفاق.
وكانوا قد بحثوا بحثا دقيقا في المنزل، ونظروا في جميع ما وجدوه من الأوراق فسألهم بوفور قائلا: ماذا اكتشفتم؟
فقال له القاضي: لا شيء.
والحقيقة أنه كان كاذبا؛ فقد عثر بين الأوراق التي وجدها على نسخة من الكتاب الذي أرسلته إلى بوفور، ولم تكن قد أشارت فيه إلى أسماء، فعلم أنها تزوجت وهي أم، وأن بوفور لم يكن عالما بشيء من حقيقة أمرها، فرأى أن واجباته تقضي عليه بكتمان هذا السر عن الزوج المنكود، ولكنه قال له: إن قلبي يحدثني، بالرغم عن جميع الظواهر، أن امرأتك لا تزال في قيد الحياة، فلا تقنط من لقائها، فرفع بوفور عينيه إلى السماء قانطا؛ إذ لم يكن يرى ما يراه قاضي التحقيق.
ولنبسط الآن ما جرى لمرسلين؛ فإنها في اليوم التالي لزواجها؛ أي حين اجتمعت هي وزوجها بداغير الذي أغواها قبل الزواج، رأت من مقابلتهما أن زوجها لم يكن عالما بشيء من حكايتها مع صديقه داغير، وأيقنت أن الكتاب الذي أرسلته مع كلوكلو إلى بوفور لم يصل، فأصيبت بما يشبه الجنون، ورأت أن بوفور سيلح عليها بالسؤال حتى تعترف، فيعلم عند ذلك أن هذه المرأة التي كان يحسبها فتاة نقية طاهرة قد عبثت به، وأنه لا يستطيع طردها بعد فوات الأوان؛ لأنها أصبحت الآن تدعى باسمه، فكيف تعيش معه وقد أورثته هذا العار؟
على أنها لم تكن مخطئة؛ فقد نهجت خير مناهج الشرف، وكتبت إليه كل حكايتها بالتفصيل قبل أن تتقيد معه بقيد الزواج، وأين له أن يصدقها لو قالت له: إني كتبت إليك وأي ذنب لي إذا لم يصلك الكتاب؟
هذا ما كانت تناجي به نفسها، وهذا ما دعاها إلى إيثار الفرار على الوقوف مع زوجها في هذا الموقف الرهيب، فنظرت إلى ما حواليها نظرات المجانين، فلم تجد غير ضمة ذابلة من الزهر كان قدمها لها بوفور، فوضعتها في صدرها وخرجت هائمة على وجهها.
Bog aan la aqoon