أما بغداد فإنهم كانوا عنها على نحو فرسخ، وما ذلك إلا بتدبير واليها الوزير الكبير أحمد باشا. وأما نادر شاه وباقي عسكره فتوجه إلى شهرزور فأطاعه أهلها وكذلك عشائر الأكراد والأعراب، ثم توجه إلى قلعة كركوك فحاصرها ثمانية أيام ضرب عليها في هذه المرة عشرين ألف طوب ومثلها قنابر فسلموا وأطاعوه، ثم توجه إلى أربل فسلم أهلها وأطاعوه، ثم توجه إلى الموصل - وكان معه من العسكر نحو مائتي ألف مقاتل - فرمى عليها في خلال سبعة أيام نحو أربعين ألف طوب ومثلها قنابر، فسلموا الأمور لمدبرها وهو الله تعالى. ثم حفر لغوما وملأها بارودا ورصاصا وأشعلها بالنار فكانت وبالا عليه، فلما علم أنه لا يحصل من الموصل على طائل ارتحل عنها وتوجه بعسكره إلى بغداد، فجاء ونزل في قصبة سيدنا موسى بن جعفر (١) فزاره وزار محمدا الجواد، ثم عبر دجلة في قارب وزار الإمام أبا حنيفة (٢) ولم تزل الرسل تختلف بينه وبين أحمد باشا إلى أن رفع مطالبة بالإقرار بصحة مذهب الشيعة والتصديق بأنه مذهب جعفر الصادق، ثم توجه إلى النجف لزيارة الإمام علي بن أبي طالب. وليرى القبة التي أمر بأن تبنى بالذهب.
فبينما أنا جالس قبيل المغرب من يوم الأحد الحادي والعشرين من شوال إذ جاء رسول الوزير أحمد باشا يدعوني إليه. فذهبت بعد صلاة المغرب ودخلت دار الحكم فخرج إلي بعض ندمائه وسماره (أحمد أغا) فقال: أتدري لم طلبك؟
_________
(١) وتسمى الآن (الكاظمية).
(٢) ويسمى موضع قبره الآن (الأعظمية)
1 / 15