Daraasaad Ku Saabsan Luqadda iyo Suugaanta
مطالعات في اللغة والأدب
Noocyada
أستأذن القارئ الكريم في العودة إلى هذا الموضوع، فقد بقيت فروق بين المذهبين القديم والجديد لا بد من الإشارة إليها استيفاء للحديث.
التطور ناموس عام، فما من عنصر من عناصر الحياة إلا خاضع له رضينا أم كرهنا، ومن لا يؤمن بهذا الناموس فقد جهل كثيرا.
وإذا كنت قد اطلعت على ما كتبه أكابر كتاب مصر الأعلام في المدة الأخيرة حول المذهبين القديم والجديد في الكتابة، فلا بد أن تكون قد رأيت أن اللغة خاضعة لهذا الناموس، وأنه ما من سبيل لإخراجها عن حكمه، إلا أنهم لم يشيروا إلى آثار هذا التطور في اللغة إلا عرضا.
فما هي هذه الآثار؟
من تلك الآثار أن الناس كانوا يميلون إلى الإكثار في الكلام ولو خرجوا إلى الثرثرة لاعتبارات اقتضتها عقليتهم، فصاروا يميلون في هذا العصر الأخير - الذي انتشرت فيه روح الاقتصاد - إلى الإيجاز، كما رأيت فيما دار بيني وبين الأمير شكيب أرسلان من الجدال وليس العهد به ببعيد.
ومن تلك الآثار أن الناس كانوا يميلون إلى التكلف في الكتابة فصاروا يميلون إلى الأساليب الطبيعية فيها، كما كانوا يتكلفون في كل شيء فصاروا طبيعيين في كل شيء.
كان القراء قبل اليوم يجودون تجويدا، أو يستعملون لهجة الوعظ يقلدون بها خطباء المساجد أو رؤساء الكنائس الأجانب، أو يلزمون نغمة واحدة لا يكادون يسفلون فيها أو يعلون. وأما اليوم فإنهم يمثلون المعنى تمثيلا، وبعبارة أخرى صاروا يقرءون كما يتحدثون.
كان المغنون قبل اليوم يلزمون في كل حال نغمة واحدة سواء كان الموقف موقف حب أم حماسة أم بكاء، وأما اليوم فإن لكل موقف نغمة تناسبه.
يقال إن عبده الحمولي الموسيقي المشهور طاف ليلة مع بعض أصدقائه على مجالس الطرب، فما كان يجلس قليلا في أحد تلك المجالس إلا قال لأصدقائه: «قوموا بنا فإن هذا فقهي» أي إن المغنين في ذلك العصر كانوا يجودون لا يغنون.
كان الخطباء قبل اليوم يقلد بعضهم بعضا في إشاراتهم، وكانوا فيها متكلفين، يشير الخطيب بيده إلى الأمام أو إلى الوراء وليس في كلامه ما يقتضي تلك الإشارة، وأما اليوم فإن الإشارات جزء من اللغة تقوي المعنى أو توضحه أو تستدعي الانتباه إليه.
Bog aan la aqoon