Daraasaad Ku Saabsan Luqadda iyo Suugaanta
مطالعات في اللغة والأدب
Noocyada
ولا ننكر عليهم أيضا أن الكاتب في كل لغة يكتب الكلمات كما اعتادت يده كتابتها لا كما يتهجاها. قد تسأل الإنكليزي كيف تتهجى الكلمة الفلانية فلا يعرف إلا إذا أخذ قلما وكتبها بسرعة وإذا تمهل في الكتابة فقد يخطئ. ولكن ذلك كله لا ينفي أن الكتابة المضبوطة أسهل تناولا وأضمن للصحة في القراءة والإملاء؛ فالكتابة عندهم من هذه الجهة أشبه بالكتابة الصينية التي هي كتابة أشكال ورموز يدل بها على المعاني المختلفة، لا كتابة حروف يتركب منها لفظ الكلمات، وقد حاول الأمير «كيون» بتر هذه الأعضاء الأثرية من جسم كلماتهم، ولكنهم لم يوفقوا. ويستثنى في اللغة العربية بعض كلمات تكتب فيها بعض الحروف ولا تقرأ أو تقرأ ولا تكتب، وهي قليلة لا يعتد بها.
وهناك فرق آخر، وهو أن همزة الوصل عندنا محصورة في مواطن معدودة، وأما همزة الوصل عندهم، فهي كل همزة وقعت في درج الكلام كما رأيت، فلغتهم من هذا القبيل كلغة قريش الذين كانوا يكرهون الهمزة، قال علي: «نزل القرآن بلغة قريش، وليسوا بأصحاب نبر، ولولا أن جبريل - عليه السلام - نزل بالهمزة على النبي
صلى الله عليه وسلم
ما همزنا»؛ لأن للهمزة نبرة في الحلق تجري مجرى التهوع. وقد كاد العرب أنفسهم يلغون كل همزة في درج الكلام، أي الهمزة الابتدائية إذا سبقتها كلمة، وكل همزة في عرضه، أي الهمزة الواقعة في وسط الكلمة أو آخرها. فقد وصلوها في مواطن الوصل المعروفة، وأجازوا للشاعر أن يصل همزة القطع عند الضرورة، كأن يقول في «لو أن»: «لو ان». ولولا القليل لوصلوا كل همزة في الشعر والنثر، وأوجبوا إبدالها إذا سكنت بعد همزة فإن كانت حركة الهمزة الأولى فتحة أبدلت الثانية ألفا، نحو: «آثر»؛ فإن أصلها: «أأثر»، وإن كانت ضمة أبدلت واوا، نحو: «أوثر»؛ فإن أصلها: «أؤثر»، وإن كانت كسرة أبدلت ياء ، نحو: «إيثار»؛ فإن أصلها: «إئثار». وأجازوا فيها الإبدال والتحقيق إذا انضمت الهمزة الثانية أو انكسرت وانفتح ما قبلها، فأجازوا في مضارع «أم» أن تقول: «أؤم أوم»، وفي مضارع «أن» أن تقول: «أئن وأين»، وفي جمع «إمام» أن تقول: «أئمة وأيمة» ... بل إذا سكنت بعد غير الهمز فإن كان ما قبلها مفتوحا أبدلت ألفا، فتقول في «رأس»: «راس»، وإن كان مضموما أبدلت واوا، فتقول في «سؤل»: «سول»، وإن كان مكسورا أبدلت ياء، فتقول في «بئر»: «بير» ... بل أجازوا الإبدال والتحقيق إذا تحركت بعد غير الهمزة، فقالوا في «تأمم»: «تيمم» أي: توضأ بالتراب، والثانية أشيع وإن كانت الأولى هي الأصل، وقالوا في «قرأ»: «قرا»، وفي «قرئ»: «قري»، وفي «التجرؤ»: «التجري» كأنه مصدر «تجرى» لا «تجرأ»، وبسبب ذلك كانت القاعدة الغالبة لكتابة الهمزة «أن تكتب بحسب (ما تلين)» أي إذا كانت تلين بالواو كتبت على واو، أو بالألف كتبت على ألف، أو بالياء كتبت على ياء.
وكل همزة على ألف أو واو أو ياء تهمز وتلين على الغالب، فهي على أشكالها هذه مثل التاء المربوطة التي يجوز فيها أمران: إما أن تكون تاء، وأن تكون هاء. ولولا القليل لوجب إبدال الهمزة وبطل تحقيقها في كل المواطن التي ذكرناها. وقد أجازوا قصر كل ممدود، فقالوا في «سماء»: «سما»، وفي «حمراء»: «حمرا»؛ بل قد ابتدأ إلغاء الهمزة في عرض الكلام في غير المواطن السابقة، من ذلك قولهم: «سل ولا تسل» بدلا من: «اسأل ولا تسأل»، وقولهم في مضارع «رأى» وأمره: «يرى ر» بدلا من: «يرأى إرأ» على الأصل، مثل: «نأى ينأى إنأ»، وقولهم في الأمر من «أكل وأخذ وأمر»: «كل وخذ ومر» بإسقاط الهمزتين معا: همزة الأمر، وهمزة الفعل. ومن ذلك أنهم أجازوا حذف همزة التسوية فتقول: «سواء علي أكان كذا أم كذا» بالهمزة، و«سواء علي كان كذا أم كذا» بدونها ...
وقد كانت قريش تنطق بالهمزة حرفا بين الهمزة وبين حرف حركتها ويسمى هذا الحرف «بين بين» ... فأنت ترى من كل ما أوردته لك من الأمثلة أن اللغة كانت تتدرج إلى إلغاء الهمز في درج الكلام أو عرضه، إما بالوصل، وإما بالإبدال، وإما بالحذف، كما وقع في اللغة العربية العامية إلا قليلا. واندثار بعض الأصوات في اللغات مألوف، فهذه اللغة الآشورية السامية يقال إنها فقدت حروفها الحلقية منذ أربعة آلاف سنة. (7)
أن لكل حرف في اللغة العربية صوتا خاصا له لا يتغير، كما أن لكل صوت حرفا خاصا له يدل عليه؛ إذ إن الأصل في الخط العربي أن يكون مطابقا للفظ فتكتب كل كلمة كما ينطق بها، وينطق بها كما تكتب، بخلاف بعض اللغات الإفرنجية التي تصور الصوت الواحد بصور عديدة، فصوت الكاف يصور عندهم تارة بحرف
k ، وتارة بحرف
q ، وتارة بحرف
c ، وتارة بحرف
Bog aan la aqoon