Mutalaca Carabiyya
المطالعة العربية: لمدارس البنات
Noocyada
يصدق في شيء وإن كان صادقا
هذا فضلا عن ارتكاب الكذوب الآثام لتقوله على الناس ما لم يقولوا، وظلمه لهم فيما عساه أن يصيبهم بسبب كذبه، وهو مع ذلك يخسر حسن سمعته بين الناس، ويضطرب إذا ظهر كذبه، ويتعب نفسه في اختلاق الأقاويل؛ ليستر عيب كذبه بكذبه، ولو صدق لكفى الناس شره، وأراح نفسه. (3) المتظاهرة بالقناعة
يحكى أن فتاة كانت تتظاهر بالقناعة والرضا بالقليل وعدم الاكتراث بالمآكل، وكانت مع ذلك تدخل مخزن الأكل سرا فتبحث فيه عما يطيب لها من المآكل، وتأكل جهد استطاعتها حتى إذا شعرت والدتها بتناقص الأشياء وسألتها عن ذلك أنكرته كل الإنكار، فلم يكن لوالدتها بد إذ ذاك إلا اتهام الخدم ولومهم، وأخذ بعض أجورهم، والفتاة مع كل ذلك مطمئنة القلب، لا يعنفها ضميرها على سوء فعلها، ولا تتحرك في قلبها عاطفة الرحمة على هؤلاء المساكين البرآء، فتحيرت والدتها في أمرها، وأرادت أن تقف على الحقيقة؛ فأحضرت إناء جميلا من أواني المربى، محكم الغطاء، ووضعت فيه نحلا وغطته، ووضعتها بدل المربى.
فلما جاءت الفتاة على عادتها عمدت إلى هذا المحل فوقع بصرها على الإناء، فأعجبها شكله، وأرادت أن تعرف ما فيه، فأخذته وانتحت ناحية وفتحته، فخرجت عليها النحل تلسعها، فصاحت واستغاثت، وجاءت والدتها والخدم وهي على تلك الحال، فلم يرث لها أحد، بل قالت والدتها: قد كنت تهربين من الخيانة إلى الكذب، وكلاهما شر، وقد نصبت هذا الشرك لأوقع فيه الجاني، فكنت أنت الواقعة، وقد ظهرت خيانتك، ولم يعد ينفعك كذبك، ولا يغتر الناس بريائك، ولقد صدق من قال:
ثوب الرياء يشف عما تحته
فإذا اكتسيت به فإنك عاري
فخجلت الفتاة، وأظهرت الأسف، وعزمت على التوبة، وفرح الخدم بوقوع المسيء في شر أعماله. (4) الأمانة
الأمانة محافظة المرء على حقوق غيره، كما يحافظ على حقوق نفسه، بل أشد، فهي قوام العدل، وأصل التقوى، ودليل على كرم النفس وعدم حب الذات الذي هو أصل كل شر وفساد، فلولاه ما استأثر الغني بماله دون الفقير، ولا قتل الفقير الغني طمعا في ماله، ولا كان الناس إلا كأخوة يساعد بعضهم بعضا، فتصفو قلوبهم، وتتيسر أمورهم، وتنجح مساعيهم.
والصدق والأمانة خلتان إذا كانتا في واحد وثق به الناس وأمنوه على أموالهم وأسرارهم وأرواحهم، فيكثر رزقه، وتحسن حاله، ويكتسب الشرف، وحسن الثناء. (5) الفقير الأمين
يحكى أن أحد الفضلاء غدر به الدهر، واستحالت حاله ، وافتقر بعد الغنى، فتقطعت به الأسباب، واضطر إلى بيع ملابسه لضيق ذات يده، فأعطى أحد الدلالين ثوبا، وقال له: بعه، وبين للمشتري هذا العيب الذي فيه، وأراه خرقا في الثوب، فمضى الدلال وجاء في آخر النهار، فدفع إلى الرجل ثمن الثوب، وقال: بعته لرجل أعجمي غريب بهذه الدنانير. قال الرجل: وهل أريته العيب؟ قال: لا، وإني نسيت. قال: لا جزاك الله خيرا، فقد غششت المشتري، وأخذت الدنانير ظلما، فامض معي إليه، فذهبا وقصدا مكان الأعجمي فلم يجداه، وسألا عنه، فقيل لهما: إنه رحل إلى مكة مع قافلة الحجاج، فلم تطمئن نفس صاحب الثوب بأخذ هذا المال ظلما مع ما به من الفاقة، بل عرف صفة الأعجمي من الدلال، واكترى دابة ولحق القافلة وسأل عن الأعجمي، فدله الناس عليه، فقال له: إن الثوب الذي اشتريته من الدلال فلان بكذا وكذا فيه عيب فهاته وخذ ذهبك. فقام الأعجمي وأخرج الثوب وطاف على العيب حتى وجده، فلما رآه عجب من أمانة الرجل وصدقه وشرف نفسه مع ما به من الفاقة، وقال: يا هذا، أخرج ذهبي حتى أراه، وكان الذهب مغشوشا، ولم يعلم ذلك البائع؛ لأنه لم ينظر إليه ولم ينتقده، فلما أخرج الذهب أخذه الأعجمي ورمى به إلى الأرض، وقال: إني قد كنت غششتك واشتريت منك هذا الثوب بذهب زائف طمعا مني في المال، أما الآن وقد ظهرت أمانتك وأبنت بفعلك عن فضلك، فقد اشتريت منك هذا الثوب على عيبه بمثل هذا الذهب، وأعطاه بمقدار الذهب المغشوش ذهبا جيدا، فأخذه الرجل ورجع ظافرا بالمال والشرف. (6) الاجتهاد والتقوى أصل سعادة الدارين
Bog aan la aqoon