227

Mustasfa

المستصفى

Baare

محمد عبد السلام عبد الشافي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٣هـ - ١٩٩٣م

وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى إرْثِ فَاطِمَةَ ﵂، حَتَّى نَقَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» وَقَوْلُهُ: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢]، وَ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا﴾ [الإسراء: ٣٣] ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٨] ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وَ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [المائدة: ٩٥]، " وَ«لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، " وَ«لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَخَالَتِهَا» وَ«مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ» وَ«لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ» وَ«لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] الْآيَةُ، قَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ مَا قَالَ وَكَانَ ضَرِيرًا، فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥] فَشَمَلَ الضَّرِيرَ، وَغَيْرَهُ عُمُومُ لَفْظِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: ﴿إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨] قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ أَنَا أُخَصِّمُ لَكُمْ مُحَمَّدًا فَجَاءَهُ وَقَالَ: قَدْ عُبِدَتْ الْمَلَائِكَةُ، وَعُبِدَ الْمَسِيحُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ حَصَبِ جَهَنَّمَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] تَنْبِيهًا عَلَى التَّخْصِيصِ، وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ ﵇، وَالصَّحَابَةُ ﵃ تَعَلُّقَهُ بِالْعُمُومِ، وَمَا قَالُوا لَهُ: لِمَ اسْتَدْلَلْتَ بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ مُجْمَلٍ، وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢] قَالَتْ الصَّحَابَةُ: فَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ ظُلْمَ النِّفَاقِ، وَالْكُفْرِ، وَاحْتَجَّ عُمَرُ ﵁ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ بِقَوْلِهِ: ﵇: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» فَدَفَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِقَوْلِهِ: «إلَّا بِحَقِّهَا»، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ التَّعَلُّقَ بِالْعُمُومِ، وَهَذَا، وَأَمْثَالُهُ لَا تَنْحَصِرُ حِكَايَتُهُ. الِاعْتِرَاضُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ مِنْ بَعْضِ الْأُمَّةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ فَلَا يَبْعُدُ مِنْ بَعْضِ الْأُمَّةِ اعْتِقَادُ الْعُمُومِ فَإِنَّهُ الْأَسْبَقُ إلَى أَكْثَرِ الْأَفْهَامِ، وَلَا يَسْلَمُ صِحَّةُ ذَلِكَ عَلَى كَافَّةِ الصَّحَابَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ نُقِلَ مَا ذَكَرُوهُ عَنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ قَوْلُهُمْ: عَلَى التَّوَاتُرِ إنَّا حَكَمْنَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْعُمُومِ لِأَجْلِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى قَرِينَةٍ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ قَضَى بِاللَّفْظِ مَعَ الْقَرِينَةِ الْمُسَوِّيَةِ بَيْنَ الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ، وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْمُسَمَّيَاتِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ فِي التَّأْثِيرِ لِلْفَارِقِ بَيْنَ مَحَلِّ الْقَطْعِ، وَمَحَلِّ الشَّكِّ، وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعُمُومَ مُتَمَسَّكٌ بِهِ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ قَرِينَةٍ مُخَصِّصَةٍ أَوْ بِشَرْطِ اقْتِرَانِ قَرِينَةٍ مُسَوِّيَةٍ بَيْنَ الْمُسَمَّيَاتِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الصَّحَابَةُ بِحَقِيقَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَجْرَى الْخِلَافِ فِيهَا، وَأَنَّهُ مُتَمَسَّكٌ بِهِ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ الْمُخَصِّصِ لَا بِشَرْطِ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الْمُسَوِّيَةِ شُبَهُ أَرْبَابِ الْخُصُوصِ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ لَفْظَ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْمُشْرِكِينَ يُنَزَّلُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُسْتَيْقَنُ دُخُولُهُ تَحْتَ اللَّفْظِ، وَالْبَاقِي مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِ حُكْمٍ بِالشَّكِّ، وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ كَوْنَ هَذَا الْقَدْرِ مُسْتَيْقَنًا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا فِي الزِّيَادَةِ، وَالْخِلَافُ. فِي أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِهِ الزِّيَادَةُ لَكَانَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ مُسْتَيْقَنَةٌ مِنْ لَفْظِ الْعَشَرَةِ، وَلَا يُوجِبُ مَجَازًا فِي الْبَاقِي، وَكَوْنُ ارْتِفَاعِ الْحَرَجِ مَعْلُومًا مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ مَجَازًا فِي الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ وَكَوْنُ الْوَاحِدِ مُسْتَيْقَنًا مِنْ لَفْظِ النَّاسِ

1 / 229