والله سبحانه واحد في معناه، لا في معاني ما أنشأه وهو الواحد لا من عدد، ولا فيه عدد به تجزأ، وليس شيء يقال: إنه واحد في الحقيقة غير الله، وكل واحد سوى الله فهو ذو عدد مجزأ ومن عدد، وذلك أنك تقول للواحد من الخلق: إنه له فوق وتحت وأمام وخلف وشمال ويمين، وكل واحد كما ذكرنا غير الآخر، فهذا غير واحد مما يضمه اسم الواحد، وهذا الواحد هو العدد، ومن عدد كثير من اللون وغير ذلك، هو من عدد له أشباه، والله واحد ليس بشيء من هذه المعاني المنقوصة شبيها، لأنه ليس له نظير.
فإن قال قائل: لم لا يكون قولك واحد تشبيها، وقد قلت لغير الله واحد ؟!
قيل له: إنا لم نقل لغير الله واحد، بمعنى ما قلت إن الله واحد، وليس واحد كالله في ربوبيته ووحدانيته، وليس من هو واحد في الحقيقة ليس بجزء ولا باثنين سوى الله، وكل ما سوى الله فقد يقال واحد وهو أكثر من اثنين إذا حدد على وجه ما فسرنا من الحدود التي تلزم الخلائق، وذلك لأن كل واحد مما سوى الله فمسدس، وهو أكثر من اثنين. وإن قيل : إنه واحد على ذكرنا، فليس الله بواحد كمعنى الآحاد المعدودة، وإنما هو إله واحد، ليس له ند ولا له شبيه، تعالى عما يقول المشبهون علوا كبيرا.
ومعنى من معاني الواحد إذا أرادوا به دفع الاختلاف وحذف الجميع، كما قال الكميت بن زيد الأسدي:
فضم قواصي الأحياء منهم فقد رجعوا كحي واحدينا
فإن قال قائل: فإذا قلت: إن الواحد من الحساب في جميع العدد، فكذلك يقول الله في كل شيء.
Bogga 310