أبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله على مَا أثلج بِهِ صدورنا من برد الْيَقِين، وكساه أعطافنا من تشريف الْإِسْلَام، وَأثبت عَلَيْهِ أقدامنا من صراطه الْمُسْتَقيم، وَالصَّلَاة على مصطفاه من خلقه مُحَمَّد وعترته الْأَبْرَار؛ التصنيف مضمار تنصب إِلَيْهِ خيل السباق من كل أَوب ثمَّ تتجارى؛ فَمن شاط بعيد الشأو وساع الخطو تشخص الْخَيل وَرَاءه إِلَى مطهم سباق إِلَى الحلبة ميفاء على القصبة، وَمن لَا حق بالأخريات مطرح خلف الأعقاب، ملطوم عَن شقّ الْغُبَار، مَوْسُوم بالسكيت المخلف، وَمن آخذ فِي الْقَصْد متنزل سطة مَا بَينهمَا قد انحرف عَن الرجوين، وجال بَين القطرين، فَلَيْسَ بالسابق المفرط وَلَا اللَّاحِق المفرط: وَقد تصديت للانصباب فِي هَذَا الْمِضْمَار تصدى القاصد بذرعه الرَّابِع على ظلعه، فتدبرت شعب الْفَنّ الَّذِي أَنا كَائِن بصدده وقائم بإزائه، فصادفت الشعبة الَّتِي هِيَ أَمْثَال الْعَرَب خَلِيقَة بالميل فِي صغو الاعتناء بهَا،

1 / 1

ب والكدح فِي تَقْوِيم عنادها، وَإِعْطَاء بداهة الوكد وعلالته إِيَّاهَا، لما آنست من تناهي فاقة الأفاضل عَن آخِرهم إِلَى استكشاف غوامضها والغوص على مشكلاتها، وَلَا سِيمَا من انتدب مِنْهُم لتدريس قوانين الْعَرَبيَّة وإقراء الْكتب الْكِبَار، فناط بِهِ الرَّغْبَة كل طَالب، وَغشيَ ضوء ناره كل مقتبس، وَوجه إِلَيْهِ النجعة كل رائد، وَكم يتلقاك فِي هَذَا الْعَصْر الَّذِي قرع فِيهِ فنَاء الْأَدَب وصفر إناؤه، اللَّهُمَّ إِلَّا عَن صرمة لَا يسئر مِنْهَا الْقَابِض، وصبابة لَا تفضل عَن التبرض من دهماء المتحلين مِمَّا لم يحسنوه المتشبعين بِمَا لم يملكوه، من لَو رجعت إِلَيْهِ فِي معنى أَسِير مثل لفتل أَصَابِعه سدرا ولاحمرت ديباجتاه نشورا أَو توقح فأساء جابة فافتضح وَتكشف عواره؛ وأيم الله! إِنَّهَا لمدحضة الأرجل وبخبرة الرِّجَال، بهَا يتَخَلَّص الْخبث عَن الإبريز، وينماز الناكصون عَن ذَوي التبريز؛ ثمَّ هِيَ قصارى فصاحة الْعَرَب العرباء، وجوامع كلمها، ونوادر حكمهَا، وبيضة منطقها، وزبدة حوارها، وبلاغتها الَّتِي أعربت بهَا عَن القرائح السليمة والركن البديع إِلَى ذرابة اللِّسَان وغرابة اللسن، حَيْثُ أوجزت اللَّفْظ فأشبعت الْمَعْنى،

1 / 2

ج وَقصرت الْعبارَة فأطالت المغزى، ولوحت فأغرقت فِي التَّصْرِيح، وَكنت فأغنت عَن الإفصاح، بله الِاسْتِظْهَار بمكانها والتمنع بجانبها عِنْد الانتظام فِي سلك التذاكر، وإفاضة أزلام التناظر، وتذاوق بعض أهل الْأَدَب بَعْضًا؛ وَإِنَّهَا للمحافل إِذا حوضر بهاء وللأفاضل مَتى أوردوها أبهة، وللنثر أَنى سلكت أثناءه طلاوة، وللشعر كَيفَ انساقت فِي تضاعيفه متانة؛ ولأمر مَا سبقت أراعيل الرِّيَاح، وتركتها كالراسفة فِي الْقُيُود بتدارك سَيرهَا فِي الْبِلَاد مصعدة ومصوبة، واختراقها الْآفَاق مشرقة ومغربة، حَتَّى شبهوا بهَا كل سَائِر أَمْعَنُوا فِي وَصفه، وشارد لم يألوا فِي نَعته، فقيدت من أوابدها مَا أعرض، واقتنصت من شواردها مَا أكثب، ثمَّ ربطتها فِي قرن تَرْتِيب حُرُوف المعجم ارتباطا جنحت فِيهِ إِلَى وطاء منهاج أبين من عَمُود الصُّبْح غير متجانف للتطويل عَن الإيجاز؛ وَذَلِكَ أَنى بوبتها فأوردت مَا فِي أَوله الْهَمْز، ثمَّ قفيت على أَثَره بِمَا فِي أَوله الْبَاء وهلم جرا إِلَى مُنْتَهى أَبْوَاب أَبْوَاب الْكتاب، وفصلت كل بَاب فَقدمت فِي بَاب الْهَمْز إِيَّاه مَعَ الْألف عَلَيْهِ مَعَ الْبَاء، وَفِي بَاب الْبَاء إِيَّاهَا مَعَ الْألف على السائر وهلم جرا إِلَى مُنْتَهى فُصُول الْأَبْوَاب؛ وَقد استمررت على مُرَاعَاة هَذَا النمط

1 / 3

د فِي أوساط الْكَلم وأواخرها، وَمَتى تَسَاوَت صُدُور الْأَمْثَال وَجَاءَت شرعا لَا يدلى بَعْضهَا بِفضل التَّقَدُّم على بعض عدلت بِالنّظرِ إِلَى أعجازها فَقدمت الأحق فالأحق، وكل كلمة وَجدتهَا متكررة سطرتها كرة وَاحِدَة ثمَّ لم أتعرض لَهَا فِي سَائِر مواقعها إِلَى أَن انْتَهَيْت إِلَى أُخْتهَا الَّتِي تطَأ؛ عَقبهَا إِلَّا إِذا استكره ذَلِك وغمض، وَقد عنيت فِي شرحها بإيراد قصصها، وَذكر النكت وَالرِّوَايَات فِيهَا، والكشف عَن مَعَانِيهَا والإنباه على مضاربها، والتقاط أَبْيَات الشواهد لَهَا، على أَنى اشْترطت تحري الِاخْتِصَار وَتَجْرِيد الْأَلْفَاظ عَن الفضلات الَّتِي يسْتَغْنى عَنْهَا فِي حط اللثام عَن وَجه الْمَعْنى، ولارتفاع الْكتاب محيطا بِهَذِهِ النعوت كلهَا سميته " المستقصى فِي أَمْثَال الْعَرَب "، وَكَأَنِّي بالعالم الْمنصف قد اطلع عَلَيْهِ فارتضاه وأجال فِيهِ نظرة ذِي علق وَلم يتلفت إِلَى حُدُوث عَهده وَقرب ميلاده لِأَنَّهُ إِنَّمَا يستجيد الشَّيْء ويسترذله لجودته ورداءته فِي ذَاته لَا لقدمه وحدوثه، وبالجاهل الْمشْط قد سمع بِهِ فسارع إِلَى تمزيق فروته وتوجيه المعاب إِلَيْهِ، وَلما يعرف نبعه من غربه وَلَا صقره من خربه وَلَا عجم عوده وَلَا نفض تهائمه ونجوده، وَالَّذِي غره مِنْهُ أَنه عمل مُحدث لَا عمل قديم وَحسب أَن الْأَشْيَاء تنقد أَو تبهرج لِأَنَّهَا تليدة أَو طارفة، وَللَّه در من يَقُول:

1 / 4

هـ // (الطَّوِيل) // (إِذا رضيت عني كرام عشيرتي ... فَلَا زَالَ غضبانا عَليّ لثامها) والأمثال يتَكَلَّم بهَا كَمَا هِيَ، فَلَيْسَ لَك أَن تطرح شَيْئا من عَلَامَات التَّأْنِيث فِي " أطري فَإنَّك ناعلة، وَلَا فِي " رمتني بدائها وانسلت " وَإِن كَانَ الْمَضْرُوب لَهُ مذكرا، وَلَا أَن تبدل اسْم الْمُخَاطب من عقيل وَعَمْرو فِي " أشئت عقيل إِلَى عقلك " و" هَذِه بِتِلْكَ فَهَل جزيتك يَا عَمْرو " والتمثل تطلب؛ الْمُمَاثلَة كالتعهد والتوقع والتوكف بِمَعْنى تطلب الْعَهْد والوقوع والوكيف وَلِهَذَا تمثلت حاتما أَجود من تمثلت بِهِ كتعهدته وتوقعته وتوكفته وَالضَّرْب الْبَيَان من قَوْلك: ضرب لَهُ موعدا، أَي بَينه.

1 / 5

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.