والحنبلي
35
والعيني
36
والبغدادي،
37
ولعلهم قد ارتاحوا لسماع هذا الخبر فدونوه فرحين مطمئنين. أوليس حسنا أن تختم حياة عمر في الجهاد؟ أوليس عظيما أن ترجع هذه النفس الضالة إلى رشدها، فيكفر صاحبها عن سيئاته بالغزو فيموت شهيدا؟ والأغلب أن شيئا من هذا لم يجر، وهذه الرواية في نظرنا أبعد الروايات عن الحقيقة. ذلك أن عمر بن عبد العزيز اعتلى عرش الخلافة سنة تسع وتسعين كما هو مشهور، فلو فرضنا أن ابن أبي ربيعة قد عاش إلى ذلك الزمن، فقد دخل في السادسة والسبعين من عمره، ونحن نعلم أنه كان زمن الوليد بن عبد الملك شيخا كبيرا مسنا يتوكأ على مولى له لضعفه، فكيف يخشى شر هذا فينفى؟! وكيف يغزو مثل هذا في البحر؟! والغريب أن كثيرا من هؤلاء الذين دونوا هذه الرواية ذكروا أن موت ابن أبي ربيعة قد وقع سنة ثلاث وتسعين. أي قبل استخلاف عمر بن عبد العزيز بست سنوات، ولم يتصد منهم أحد منهم لنفيها. زد على هذا أن روايتي الجاحظ وابن قتيبة تذهبان إلى أن عبد الله بن عمر قص هذا الخبر على ابن أبي ربيعة، وزعم أنه في موته شهيدا قد فاز بالدنيا والآخرة - كسب الدنيا حين تمتع بملذاتها، والآخرة حين مات شهيدا - ولسنا نعلم كيف تورط الجاحظ وابن قتيبة في مثل هذا الخطأ، فقبلا الرواية المدسوسة على عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر قد مات سنة أربع وسبعين
38
أي قبل أن يصبح ابن عبد العزيز خليفة بخمس وعشرين سنة، وقبل أن يموت عمر بن أبي ربيعة بزمن طويل.
وإذا فرواية الجاحظ وابن قتيبة مضطربة ضعيفة، ولنذكر أن أبا الفرج كتب أوفى ترجمة لحياة عمر، ولم يذكر هذه الرواية، وأننا نذهب إلى أبعد من نفي موته شهيدا في البحر، فننفي أيضا أمر تسييره إلى دهلك؛ إذ ليس في كل أخباره ما يفيد أنه نفي إلى دهلك غير هذه الرواية التي تشير إلى موته في البحر، ولعل مصدرها أن عمر بن عبد العزيز نفى الأحوص - فيما يزعمون - إلى دهلك، والرواة يعلمون أن عمر لم يكن بالفاسق اليسير، وإذن فلينف مع الأحوص، قالوا: فلم يكن لعمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة من هم سوى الأحوص وابن أبي ربيعة، وغريب أن ينفي مثل عمر إلى دهلك، ولا تحفظ عنه أخبار أو أشعار في ذاك، بينما يذكر لنا الرواة أن أهل دهلك يأثرون عن الأحوص الشعر، وعن عراك بن مالك في الفقه
Bog aan la aqoon