«إنك حملت بسيد هذه الأمة؛ فإذا وضعتيه فسميه محمدا» «١» .
وأمرت أيضا في رؤيا أخرى/ أن تسميه أحمد «٢» . قال سيدي العربي الفاسي في سيرته:
قال ابن إسحاق:
ولما ولد أو قد بدا من نوره ما قد بدا.
أرسلت أمه لجده فجاء حتى رآه فرأى ما قد رجا.
_________
- و«مناف» (صنم)، واشتقاقه من ناف ينوف، وأناف ينيف إذا ارتفع وعلا ... وبنو مناف: بطن من بني تميم، وهو مناف بن دارم ... إلخ. و«ابن زهرة» (فعلة) من الزهر: زهر الروض، وما أشبهه، ويمكن أن يكون اشتقاق: (زهرة) من الشيء الزاهر المضيء من قولهم: «أزهر النهار، إذا أضاء، وأما (الزهرة) التي في السماء- وهي النجم- فمتحركة في وزن (فعلة)، ومن قال (الزهرة) - بإسكان الهاء- فقد أخطأ» اه: الاشتقاق بتصرف. وسيأتي- إن شاء الله تعالى، بيان بقية الأسماء في أسماء آباء الرسول ﷺ.
(١) قوله: «سمعت قائلا يقول ... إلخ» ذكره ابن إسحاق فقال: «فلما وضعته أمه ﷺ أرسلت إلى جده عبد المطلب أنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه، فأتاه فنظر إليه، وحدّثته بما رأت حين حملت به، وما قيل لها فيه، وما أمرت أن تسميه» اه: السيرة النبوية لابن هشام (١/ ١٨٠) . وانظر: (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) ١٠/ ٥٢، ٥٦ للإمام ابن فهد.
(٢) حول تسميته ﷺ ب (أحمد) قال الإمام الزرقاني في (شرح المواهب اللدنية) (٣/ ١٥٣- ١٥٤): «أحمد هو اسمه- ﵊ الذي سمى به على لسان «عيسى» و«موسى» ﵉؛ فإنه منقول أيضا من الصفة التي معناها التفضيل، فمعنى «أحمد» أحمد الحامدين لربه، وكذلك هو في المعنى فاسمه مطابق لمعناه ... ثم إنه لم يكن «محمدا»، أي: لم يثبت له ذلك الوصف، حتى كان «أحمد»؛ لأنه حمد ربه فنبأه وشرفه، فلذلك تقدم اسم «أحمد» على الاسم الذي هو «محمد» فذكره «عيسى» ﵇ فقال: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [سورة الصف، من الاية: ٦] . وقال الراغب: خص «عيسى» ﵇ به، ولم يصفه بغيره تنبيها على أنه (أحمد) منه وممن قبله لما اشتمل عليه من الخصال الجميلة، والأخلاق الحميدة التي لم تكمل لغيره. وذكره موسى- ﵇ في حديث مناجاته الطويل حين قال له ربه: «تلك أمة أحمد» . - قال: حمده لربه كان قبل حمد الناس له تعالى؛ لأنه أول من أجاب يوم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ! بقوله: بَلى [سورة الأعراف، من الاية: ١٧٢] . وقد خالف الإمام ابن القيم القول بأسبقيه «أحمد» على «محمد» .
1 / 27