ولما بلغ الثانية والعشرين من سنيه وقع دور «كادني الهوى» (نغمة النهوند) على البيانو، يوم كان البيانو قليل الاستعمال في المحافل، حتى أن من كان يضرب عليه دور «يا طير الحمام يا أخضر» كان يعد بلا منازع من جهابذة العازفين، وقد وفق إلى اختراع العرب للقانون بدل العفق طلبا لإيجاد نصف المقام وربع المقام عند اللزوم، وهما موجودان في الموسيقى العربية، ولم يسبق لمحمد العقاد الكبير أن استعملها بل استعاض عنها بالعفق، على ما في هذه الطريقة من كتم الصوت وضياع الوقت والإعياء كما يزعم بعضهم.
الأستاذ قسطندي منسي.
على أنه والحق يقال هو أول من عمل في نغمة لجهار كاه بشرفا - كما تقدم - وأسماه بالبشرف العباسي، وقدمه للخديوي عباس، وكان مخصصا أولا للخديوي توفيق الذي توفاه الله قبل طبعه.
ولا يعزب عن البال أن والده المرحوم منسي كان أول من ألف تختا للآلات المصرية، وأن عبد الله القانونجي كان عبقريا في العزف على القانون، وقد أديا للموسيقى العربية خدمات جليلة تخلد لهما أجمل ذكر. وللأستاذ: قسطندي ولدان أحدهما: الأستاذ فريد المحامي لدى المحاكم المختلطة والأهلية، يشتغل بمكتب عمه المحترم الأستاذ: عزيز منسي - نقيب المحامين الأسبق بمحكمة مصر المختلطة. والثاني بعد أن نال البكالوريا المصرية انصرف إلى درس الحقوق الفرنسية، وهم من خيار الناس قد جمع الله فيهم خلال الفتوة ولين الطباع.
الأستاذ: منصور عوض
ولد الأستاذ منصور عوض بقصورة الشوام بشبرا (مصر) عام 1880، وكان والده المرحوم حنين منصور عوض من أكابر تجار الأقمشة بالحمزاوي، وتعلم بادئ بدء بمدرسة الفرير بالخرنفش، وهو دون البلوغ مبادئ اللغتين العربية والفرنسية، والعزف على الكمان بالنوتة الإفرنجية، واتفق أن دبت فيه الغيرة على اقتناء العود مما أحاط به من عوامل حينما كان يزور والده كل من الشيخ: خليل محرم المنشد، وعمر أفندي التركي - موسيقار الخديوي إسماعيل - الذي كان يعزف على الطنبور فألح على والده أن يشتري له آلة شرقية كالعود، فنبذ الأخير طلبه وراء ظهره؛ لما كان لحرفة الغناء من حقارة وازدراء في عصره، ولكنه نزولا على رغبة ولده المولع بالموسيقى الشرقية اشترى له آخرا عودا وقانونا، ثم انتقل من مدرسة الفرير إلى المدرسة التوفيقية، فمدرسة الأقباط لقربها من شارع محمد علي، حيث كان يتلقى دروسا موسيقية على يد مدرس ماهر.
الأستاذ منصور عوض.
ولما وفد إلى مصر من الأستانة سنة 1898 نفر من مشاهير الموسيقيين الأرمن الذين كونوا جوقتين موسيقيتين، وكان مركز الأولى بالعتبة الخضراء بجوار محلات ألف صنف، والثانية بشارع عبد العزيز، أخذ يتردد عليهما واقتبس عن الموسيقيين فيهما بعض مقطوعات وبشارف وغيرها، وأخذ يعطي دروسا في فن الموسيقى لبعض العائلات، وافتتح سنة 1907 بالاشتراك مع الأستاذ: سامي الشوا مدرسة موسيقية بالظاهر بمصر، كان يحتم فيها تعلم النوتة الإفرنجية، ونظريات خاصة بالأنغام والأوزان، وكانت تلقى بها بعض محاضرات قيمة مرة في الأسبوع، واستمرت هذه المدرسة إلى سنة 1925، ولما عين مراقبا فنيا للتعليم في فرع المعهد الملكي المدرسي اضطر إلى إغلاقها، ونظرا لكثرة أشغاله بشركة الجراموفون وتنقله بين مصر والإسكندرية اضطر إلى تقديم استقالته إلى المعهد في أواخر ديسمبر سنة 1931 وهو لا يزال إلى الآن شاغلا مركز مستشار فني وإداري بالشركة المذكورة.
وغني عن البيان أنه قد وضع عدة مؤلفات منها: كتاب التحفة البهية في الاصطلاحات الموسيقية، ومناظرات علمية في الموسيقى الشرقية والغربية تشهد له بطول الباع في هذا الفن الجميل، ويرجع إليه الفضل في تسجيل عدة إسطوانات ربحت منها الشركة فضلا عن بشروات وسماعيات وأناشيد وطنية ومارشات من ضمنها مارشات مصطفى باشا كامل، ورعمسيس، وبطرس باشا غالي، والأميرة فاطمة هانم إسماعيل، والسلطان حسين، وسعد زغلول باشا، والحرية، وأدرنة، والهلال الأحمر، والسلطان محمد الخامس بالأستانة، والنشيد الوطني نظم الأستاذ: مصطفى صادق الرافعي - وهو سلس الطباع وفي متجاف عن مقاعد الكبر بشوش الطلعة. (غزل)
قد روي عن كتاب الأغاني ما يأتي: «كان
Bog aan la aqoon