الفصل الثامن والعشرون
أقوال وآراء للعلماء والشعراء والفلاسفة والأطباء
قال كرليل: «الموسيقى ضرب من الكلام غير المنطوق به، وغير المحدود، وهي توصلنا إلى حد اللانهائية، وتصيرنا ننظر مليا في ذلك مدة من الزمن، ومن ذا الذي يستطيع أن يصف بألفاظ منطقية مبلغ تأثير الموسيقى في نفوسنا. فلندعها تبقى لغزا وذلك خير من أن نحله، وتضيع الموسيقى سدى» وقال في موضع آخر ما محصله: «قد قدرت الأمم العظيمة الغناء والموسيقى قدرهما باعتبارهما أعلى مركبة للعبادة والنبوة وسائر ما يكون سماويا في نفوسهم».
قال شكسبير: - الشاعر الكبير - زاجرا الذين لا يهتزون للموسيقى ولا يقيمون لها وزنا «إذا خلت نفس إنسان من الموسيقى وانعدم تأثره من اتحاد الأصوات الرخيمة كتب عليه أن لا يصلح إلا للمخادعة، ونصب الحبائل للناس، والإضرار بهم؛ فتخور عزيمته، وتموت مشاعره، وتظلم عواطفه كالليل الدامس، ويكون غير أهل لأن يخلد إليه بالثقة».
قال مؤرخ ألماني عظيم: «إن عزف المرسلياز في الحرب أثار في نفس الجنود الفرنسويين حماسة وشجاعة، وكانت سببا في قتل خمسين ألف ألماني، على حد ما قال بروس الرحالة: من أن الناي الحبشي إذا عزف به في ساحات الوغى كان باعثا على تحميس الجنود الأحباش إلى حد الهوس والجنون».
قال بوسيه: - المؤلف الفرنساوي الكبير - مؤكدا أن ضابطا من الضباط في الباستيل كان يخرج للعيان من مخابئها فأرا وعناكب كلما كان يعزف على الناي، فكانت مجلبة للتسلية في وحشته، وكذلك الأسماك عند صيدها فإنها كانت عند سماع صوت الموسيقى تصعد وتتكاثر على سطح الماء.
قال غلادستون: «إن الذين يعتبرون الموسيقى من بين السخريات في هذا الوجود ويتخذونها آلة يتلهون بها هم في ضلال مبين»؛ لما أنها لا تزال تعد من العوامل الفعالة في تنشئة وتنبيه وضبط عقل الإنسان بناء على ما تسومع به في جميع العصور منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، ولم تكن معرفتها خافية علينا يوم تفنن الناس في مذاهب الحضارة والعمران، وارتضعوا أفاويق العلم والعرفان، بل كانت بعكس ذلك أرفع من أن تكون خادمة لا تتخطى مراسم من يلهو بها هزؤا وسخرية، وأبعد عن الدعاية كل البعد، بدليل أن الصلة بينها وبين فن الشعر الشريف موثقة العرى؛ إذ أن من المحال أن يكون الإنسان شاعرا دون أن يكون موسيقيا، وما من شعر تم نظمه في المراحل الأول لهذا العالم إلا وكانت للموسيقى اليد الطولي في صوغه من خالص النضار، واحتوائه على لطيف الحس، وشريف الوجدان، فضلا عن أنها المرشد الأمين والسراج الوهاج الذي يضيء النهج الموصل إلى قلب الإنسان.
قال ريتشنر: «يمكننا بواسطة الموسيقى أن نستبطن كنه أمور لم يسبق أن رأيناها ولن نراها».
قيل عن كلمنصو ما يأتي: «سأل كلمنصو - رئيس وزراء فرنسا الأسبق - بتروفسكي - رئيس وزارة بولونيا المشهور بالعزف على البيانو - عندما دخل ميدان السياسة قائلا له: هل تركت الموسيقى ودخلت السياسة؟ فأجابه نعم. فرد عليه كلمنصو وقال له «يا له من تقهقر».
السراج الوراق:
Bog aan la aqoon