ماذا يجب على الطفل الذي رأى النقيض التام للأخلاق الحميدة أن يفعل؟ لقد كنت أضع الفخر بأخلاقي الحميدة في موضع الأهمية الكبرى بالنسبة لي؛ ولذا بدأت أحمل تأكيدا أن أي شيء يتعلق بالفعل الجنسي سيجلب لي الخزي والعار. كان يكفيني جدا رؤية وجه عمتي الذي انهار من فوق الوسادة؛ وجه مهمل ومشوه ويمتلئ بالعرق، وجه لا يمكن أن يكون هو وجه عمتي الحنون الذي أعتاد عليه يوميا وإن كان يشبهه، وجه تبرز عليه ملامح البذاءة المتناهية ...
دكتور، أرجو منك أن تعفيني اليوم عند هذا الحد. فلقد تعبت تعبا نفسيا شديدا لأنني فقط كتبت ما كتبته حتى الآن.» ... ... ...
لقد أعدت قراءة تلك الرسالة مرة ثانية بالتفصيل، ثم كتبت ردا عليها، ولكن لم يكن ذلك عملا يمكن القول عنه إن نفسي راغبة فيه؛ لأنني شعرت أن «ريكو» تنبأت بكل إجاباتي وتجهز لها مسبقا ابتسامة صفراء باردة. «لم يظهر ذلك بوضوح في الرسالة ولكن ...» كتبت ذلك أولا على سبيل التهديد ثم أضفت: «إن لديك ذاكرة أخرى في الطفولة تمتلئ بالرعب بخصوص تحريم العادة السرية، وأعتقد أنها تحولت على العكس منها إلى عقدة الإخصاء حيث المقص هو موضوعها الرئيس. إن قصة المقص المقحمة تلك في غاية التقليدية والشيوع، وإن أسأت القول فهي مبتذلة، ولكنني لا أعرف أهي ذاكرة حقيقية مؤكدة لك، أم أنها حكاية مختلقة فيما بعد لسد النقص وإعطاء تفسيرات جنسية بما يلائمك؟
لأكون صادقا، أنا لا أحب ميلك تجاه محاولة إعادة تركيب كل ذكريات الماضي لتكون ذكريات جنسية بسبب الأعراض البادية عليك حاليا. فحتى بالنسبة لقرون الثور؛ فذاكرة طفولتك ليست ذاكرة جنسية، ولكن ربما تكون لها علاقة بإبعادك عن ثدي أمك في فترة الفطام، وإعطائك الطعام بملعقة معدنية مما جعلك تشعرين بعدم الانسجام، والغضب الذي استحثه نموك الظالم من خلال عدم الانسجام هذا. بمعنى أن الثور الهائج يشير إلى غضبك أنت شخصيا من محاولة إبعادك عنوة عن مرحلة الرضاعة.
ولكن من العجيب أن إفصاحك عما في قلبك - بتداعي الذكريات بالتشابه بين المقص والعضو الذكري؛ أي بين القاطع والمقطوع - هو الجزء الأكثر صدقا وحقيقة داخل تلك الرسالة. هنا تكمن جذور قلبك التي لا تستطيع، مهما فعلت، التغلب على الاختلاف الجنسي بين الذكر والأنثى. لسبب ما كنت منغمسة تماما في فكرة قوية لحق المساواة التامة بين الجنسين. ولم تحاولي الاعتراف بقدر الأنثى، وترين أنه من الظلم أن يكون الذكر فقط هو المهاجم، ولديك منذ طفولتك مشاعر عارمة بعدم تقبل الهزيمة من الذكور، ورغبة قوية أن تكون هناك مساواة تامة بين الذكر والأنثى في كل شيء وأي شيء. وعندما أنظر إليك الآن أجدك أنثى طاغية الأنوثة، ولكنني أتوقع أنك في صغرك كنت «أنثى مسترجلة ترتدي بنطالا رجاليا» مثل جورج صاند.
وإن سألنا ما الذي جعلك تفعلين ذلك؟ فأول ما يمكن التفكير فيه هو وجود أشقاء ذكور منافسين لك تجاه أمك.
ألم يكن لك شقيق أصغر تنازعتما بعنف في سلب ثدي الأم أحدكما من الآخر، أو ربما شقيق توءم؟ أرجو أن أسمع منك ردا عن هذا السؤال في الجلسة القادمة.
بعد ذلك تأتي ذاكرة العلاقة العاطفية لعمتك، إن تلك القصة المدرجة في رسالتك ليست إلا مجرد قصة تظهر بوضوح صفة من صفاتك وهي الإفراط في جعل المسائل درامية. كثيرا ما يقال إن مشاهدة الفعل الجنسي لأحد الأقارب يصير جرحا نفسيا بالغ التعقيد، ولكن ليس بالضرورة أن يحدث ذلك دائما. وإضافة إلى ذلك فأنا أعتقد أنك تخفين شيئا ما، ومن تلك التجربة في مشاهدة الفعل الجنسي ثمة شك في أنها ليست المرة الأولى بالنسبة لك وأنت في الصف الرابع من المرحلة الابتدائية.
ربما تستائين مما أقوله، والذي يعتمد تماما على حدسي فقط، ولكن حتى طريقة العلاج بالتحليل النفسي لا ترتكز على استبعاد الحدس استبعادا تاما. فمع أخذ طريقة علمية موضوعية محايدة بقدر الإمكان، فأنا أعتقد أن ما يجمع ذلك دفعة واحدة هو الحدس.
أنا أشتاق إلى الجلسة الثالثة القادمة بيننا.»
Bog aan la aqoon