59

Dhibaatooyinka Iyo Shisheeyaha: Daraasad Ku Saabsan Falsafadda Akhlaaqda

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

Noocyada

1 (الإشارات اللاحقة لأرقام الصفحات من عمل هيوم هذا ستوضع بين قوسين بعد الاقتباسات المعروضة منه.) كما يؤمن العامة السذج بأن العواصف والأمراض والكوارث الطبيعية وما شابه قد أرسلت لعقابهم؛ فالوعي الزائف هو عدم القدرة على هجر سيادة الإنسان الوهمية إلى حقيقة الواقع المحزنة. إن العامة في الحقيقة، رغم أنهم سيفاجئون بهذا، نفعيون أخلاقيون مقتنعون بأن الخير هو أي شيء يفضي إلى تحقيق رغباتهم وأن الشر هو ما يقف في طريقها؛ ف «الخير» عندهم يعني «ذلك الذي يحقق النفع/المتعة لي أو لنا»؛ وهو ما يعني أن العامة أتباع لديفيد هيوم وهم لا يعلمون. ونتيجة هذا التركيز على الإنسان هي النسبية، حيث يصدر كل فرد أحكامه «تبعا لنزعات عقله هو » (36).

إذا فإن أي نظرية أخلاق خيالية ثمرة لأنانية العامة المتبلدة؛ فكل الأشياء المخلوقة عند سبينوزا هي غاية في ذاتها، والسبب الوحيد في وجودها هو الحفاظ على كيانها ذاته، أما العامة فيرون أن الأشياء تتيح لهم سبيلا مناسبا لتحقيق رخائهم، فمن المؤكد - كما يفترضون - أن هناك «مدبرا أو مدبرين، يتحلون بالحرية الإنسانية، اعتنوا من أجلهم بجميع الأشياء وصنعوا الأشياء من أجل أن تستخدم» (32). والرجال والنساء العاديون «يعتقدون أن كل الأشياء صنعت من أجلهم، ويحكمون على طبيعتها بالخير أو الشر، أو بأنها سليمة أو فاسدة تبعا لتأثرهم بها» (36)؛ لذا فإن العامة غير قادرين على رؤية أنفسهم في إطار النظام الرمزي، فهم عاجزون عن تأمل حياتهم من منظور الطبيعة المحايد؛ أي باعتبارها مجموعة واحدة من الظواهر التي تحكمها السببية في عالم لا تعدو فيه المادية والذاتية كونهما جانبين متبادلين من عقل الرب، فهم لا يفهمون أن «كل الأسباب النهائية ما هي إلا من ابتداع البشر» (33)، بل يلجئون إلى مخاطبة إرادة الرب، «وهي ملاذ الجهل» (34)، فهم يتصورون شأنهم شأن الأعداء المعاصرين لداروين أن جسم الإنسان ظاهرة أعقد من أن تكون نتيجة شيء سوى إبداع خارق للطبيعة؛ فالإنسانية إذن «ملزمة بالعاطفة والرأي والخيال بإنكار طبيعتها الخاصة.»

2

بهذه الطرق كلها فإن العامة «يخلطون بين الخيال والمنطق» (35)، وهو تمييز أعاد لوي ألتوسير صياغته لاحقا تحت مسمى الأيديولوجيا والنظرية. فالمعرفة العامة لا تخبرنا بأي شيء عن الواقع بل تخبرنا بالكثير عن بنية النظام الخيالي العام؛ إذ يؤمن الناس العاديون مثلا بأن العالم محكم النظام؛ لكن هذا في رأي سبينوزا لا يعني إلا أن «الأشياء، عندما تكون شديدة التنظيم، بحيث عندما تظهر لنا من خلال حواسنا يمكننا تصورها ومن ثم تذكرها بسهولة، يمكن أن نصفها بأنها محكمة التنظيم» (35). والأشياء التي نتخيلها بسهولة نجدها ممتعة. لكن النظام في الطبيعة من منظور سبينوزا هو لا شيء «إلا فيما يتعلق بخيالنا» (35)، وهي مسألة كان ديفيد هيوم سيقرها دون تردد.

إذا فإحداثيات المعرفة الشائعة هي نفسها إحداثيات النظام الخيالي؛ المتعة والعواطف والحواس والتمثيل والخيال والأنانية وأوهام الترابط. إن الخيال ليس زائفا بدرجة أكبر من الأيديولوجيا في نظر ألتوسير، فنحن لا نرى الشمس أقرب مما هي عليه منا؛ لكن «المعرفة» الحسية من هذا النوع لا يمكن الاعتماد عليها أبدا، وتتعارض مع حكم العقل المطلق، ف «الأشياء المثالية» كما يكتب سبينوزا مهاجما «ما هو سوقي»، «لا تقاس إلا بطبيعتها وقوتها، فكمال الأشياء لا يزيد أو ينقص لأنها تسر الحواس البشرية أو تؤذيها، لا لأنها نافعة للطبيعة البشرية أو ضارة بها» (37). ففلسفة السعادة وفلسفة المنفعة يبطلهما ضرب من العقلانية لا يرى في أخلاق العامة سوى نوع من الأنانية الجماعية المتوحشة، فالسوقيون لا يمكن أن يرقوا لمستوى تحدي النظر إلى العالم كما لو كانوا لا ينظرون إليه؛ فالخطاب الأخلاقي من الناحية المباشرة قائم على خطأ، فهو نتيجة الخطأ في معرفة الأسباب والطبيعة الحقيقية للأشياء؛ إذ يطلق أحكاما على أفعال منفصلة - مثلا - ولا يستوعبها باعتبارها أجزاء مكونة لكل، وهو يشترك إلى الآن في نقاط كثيرة مع ما يعرف في الماركسية بالفلسفة الأخلاقية.

3

ولا تعادي النظرية الماركسية الخطاب الأخلاقي - الذي تعد هي ذاتها نموذجا واضحا له - بل الحكم الأخلاقي قصير النظر الذي يجرد الشيء محل التقييم من سياقه التاريخي. وليس من الغريب أن بليخانوف أثنى على سبينوزا معتبرا إياه أبا المادية الإلحادية.

وكما يعلق ستيوارت هامبشير فإن «النصائح والرسائل الموجهة للعاطفة والرغبة بلا جدوى وغير ذات صلة (عند سبينوزا) في الفلسفة الأخلاقية كما في الفلسفة الطبيعية.»

4

ويستبعد مجمل نظرية «الحس الأخلاقي» مقدما؛ فالمصطلحات العاطفية مثل «اللذة» و«الاستنكار» وغيرها لا تقدم سوى تناسق زائف لنطاق مجموعة كبيرة من الاستجابات. ويمكننا الثناء على الآخرين أو توجيه اللوم لهم تبعا لأذواقهم وحساسياتهم، كما هو الحال مع أفعالهم «الأخلاقية». «فكل ما يراه (شخص ما) مزعجا أو سيئا» كما يكتب سبينوزا «وكذلك كل ما يراه فاسدا أو مريعا أو ظالما أو مشينا سببه أنه يرى هذه الأشياء بأسلوب مختل ومشوه ومشوش» (187). وينطبق نفس الأمر على قراءة الكتاب المقدس؛ فالجاهل يأخذ العبارات العاطفية مثل «غضب الرب» بمعناها الحرفي بدلا من فهمها باعتبارها مجازا لحقائق أزلية، «فالمشكلات الأخلاقية» كما يقول هامبشير «هي في الأساس مشكلات مرضية.»

Bog aan la aqoon