43

Dhibaatooyinka Iyo Shisheeyaha: Daraasad Ku Saabsan Falsafadda Akhlaaqda

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

Noocyada

61

فهي ليست قضية معاملة الغرباء كالجيران بل معاملة النفس كالغريب؛ أي الإدراك في صميم القلب بحاجة ماسة تتسم بالغموض في نهاية المطاف وهي الأساس الحقيقي - فيما وراء المرآة - الذي يمكن أن يبني البشر عليه لعلاقتهم. هذا هو ما يسميه هيجل الروح، ويعرفه التحليل النفسي بالنظام الواقعي، وتطلق عليه العقيدة المسيحية اليهودية حب الرب. وعلى الطيبة المثيرة للإعجاب في الأخلاق الخيالية؛ فالرعب والروعة هما ما يكمن فيما وراء إدراكها المحدود.

من بين علامات المحدودية هذه عجز أمثال ديفيد هيوم عن رؤية فضائل الزهد باعتبارها أي فضائل بخلاف التنسك وإنكار الحياة، في فهم خاطئ للمسيحية يستمر إلى اليوم. فهيوم الذي ألف كتاب «بحث في مبادئ الأخلاق» يرفض التبتل وإنكار الذات والتوبة والتنسك باعتبارها ضلالات كابحة للنفس؛ إذ يرى أن مثل هذه الممارسات المؤدبة للنفس تعيق الفهم وتقسي القلب وتعكر صفو المزاج. ومن هذا المنطلق فإن البرجوازيين في القرن الثامن عشر يستوون مع الليبراليين المشجعين على الحياة في يومنا هذا. من المؤكد أنه لا سبب يدفع مناصرا للتنوير في القرن الثامن عشر لئلا يعتبر هذه القيم همجية. لم يكن هيوم مقاتل حرب عصابات في العصر الحديث قد يقدر الحاجة لعدم التقيد بالروابط العائلية وعدم حيازة أي أملاك والاعتياد على مواجهة المصاعب الشخصية في سبيل مصلحة الآخرين. كما لم يكن ناسكا يشهد على القيمة الكبيرة للجنس وحياة الوفرة المادية من خلال الهجر المؤقت لهذه الملذات في سبيل إيجاد مساحة مستقبلية للحق والعدل. فهناك فقط - كما يعتقد المتبتل المتدين - سيتوفر هذا الترف للجميع. فهذا التبتل يتضمن تضحية، وهو ما يعني أنه يعتبر الجنس ورغد العيش من القيم التي يعتز بها.

لا ينتظر من برجوازي أنيس المعشر كديفيد هيوم أن يدافع عن عمل تضحية غير أنانية؛ تضحية تتضمن القيم المؤلمة المميتة الأكثر قسوة لكنها تتم باسم إرساء حياة أكثر وفرة في كل مكان. فهو ممثل للنظام الخيالي وليس مناصرا للنظام الحقيقي؛ إذ لا يري أننا يجب علينا أحيانا أن نفعل ما ينبغي لنتمكن من فعل ما نريد، فكل هذا يبدو له كئيبا ومازوخيا كما تبدو الحكمة الليبرالية التقليدية في يومنا هذا. صحيح أن الحياة السعيدة تتمحور حول الفضل واليسر والرفاهية، كما فهم مفكرو عصر التنوير هؤلاء على طريقتهم بنفس الوضوح الذي فهمها به أرسطو أو توما الأكويني. لكن ما لم يروه من موقعهم التاريخي ذي الأفضلية هو أن تحقيق هذا الوضع يتطلب من وقت لآخر قيم التضحية والانضباط الكئيبة الثورية. وتلك حقيقة مؤسفة وإن كان لا مفر منها. لم يكن هذا ليكون بجديد على جون ميلتون؛ لكن الثورة، التي أتت بمن رأوا ديفيد هيوم متحدثا رائعا عنهم، قد انحسرت موجتها الآن عبر أفق التاريخ بما يكفي لينسى أن القيم الزاهدة - وإن كانت كريهة حقا وبعيدة عن زخرف الحياة السعيدة - فهي ضرورية للأسف. إنها ضرورية لنيل الفضيلة والعدل عمليا، وكذلك باعتبارها (كما في حالة المتبتل المتدين) شاهدا على الإمكانية الثابتة لتحققهما من خلال الرفض العام لرفاهيات الحاضر. ووحدهم الذين يستمدون راحتهم من التضحيات المفروضة على الآخرين هم القادرون على تجاهل هذه الحقيقة.

هوامش

الفصل الثالث

إدموند بيرك وآدم سميث

ماذا لو لم يكن الشعور الداخلي والمبدأ العام هما الخياران الوحيدان في المسألة الأخلاقية؟ ماذا لو كان هناك قواعد سياسية تحكم التعاطف؟ لقد رفع إدموند بيرك - أحد أبلغ المتحدثين عن القيمة الثمينة للإخلاص الداخلي - القبعة احتراما للمبادئ العامة؛ لكنه نادرا ما تحمس لها؛ فالسياسة في نظره يمكن أن تسير بالتعاطف الخيالي بقدر التعاطف الشخصي؛ ففي واقع الأمر، لولا أن حدث ذلك وبشيء من السرعة، فمن الأرجح أننا كنا سنشهد نكبات أخرى تضاهي خسارة أمريكا والعصيان المسلح في أيرلندا وإرهاب اليعاقبة في باريس ونهب شركة الهند الشرقية. ولتفادي هذه الكوارث، يجب - كما يرى بيرك - أن يوجد «مجتمع له مصالح مشتركة، وتعاطف من ناحية المشاعر والرغبات فيما بين من يسيرون الأمور باسم الشعب، أيا كان وصفه من ناحية، وبين الشعب نفسه من الناحية الأخرى.»

1

فالسلطة في نظر بيرك يجب أن يكون أصلها الحب، وهي فكرة نطلق عليها اليوم اسم الهيمنة.

Bog aan la aqoon