Musawwada Fi Usul Fiqh
المسودة في أصول الفقه
Baare
محمد محيي الدين عبد الحميد
Daabacaha
دار الكتاب العربي
مسائل الأوامر: إذا وردت صيغة أفعل من الأعلى
...
مسائل الأوامر*
مسألة: إذا وردت صيغة "أفعل" من الأعلى
إلى من هو دونه متجردة عن القرائن فهي أمر وقالت المعتزلة1 لا يكون أمرا إلا بإرادته الفعل2 وقالت الأشعرية ليست3 للأمر صيغة وصيغة أفعل لا تدل عليه إلا بقرينة وإنما الأمر معنى قائم بالنفس4.
وقال ابن برهان إرادة المتكلم بالصيغة لا خلاف في اعتبارها حتى لو صدرت من مجنون أو نائم أو [ساه] 5 لم يكن أمرا [وأما إرادة كونها أمرا] 6 فاعتبره المتكلمون من أصحابنا ليصرف [اللفظ بها] عنها من جهة الأعذار والإنذار والتعجيز والتكوين [أو يعبر بها] عن المعنى القائم بالنفس.
قال وقال الفقهاء من أصحابنا لا يشترط ذلك بل اللفظ بإطلاقه وتجرده عن القرائن يصرف إلى الأمر ولا يصرف إلى غيره إلا بقرينة "ز ه"
Bogga 4
فصل:
الأمر بالأمر بالشيء ليس آمرا به مع عدم الدليل عليه ذكره الرازي والمقدسي.
Bogga 5
مسألة: الأصل في الأمر الوجوب
نص عليه في مواضع وبه قال عامة المالكية وجمهور الفقهاء والشافعي وغيره وقالت المعتزلة وبعض الشافعية: الأصل فيه الندب وقال أكثر الأشعرية وشيخهم هو على الوقف بينهما إذا ثبت الاستدعاء وقال قوم الأصل في صيغة الأمر مجردة الإباحة وقد نقل الميمون عن أحمد أنه قال: الأمر أسهل من النهي ونقل عنه علي بن سعيد ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عندي [أسهل مما] 1 نهي عنه فيحتمل أنه أراد أنه على الندب [وهو بعيد لمخالفته] منصوص الكثيرة ويحتمل وهو الأظهر أنه قصد أنه [أسهل] بمعنى أن جماعة من الفقهاء قالوا بالتفرقة بأن الأمر للندب والنهي للتحريم والنهي على الدوام والأمر لا يقتضي [التكرار وزعم] أبو الخطاب أن هذا يدل على [أن] إطلاق الأمر يقتضي الندب قال والد شيخنا: وقد ذكر أصحابنا رواية الميمون وعلي بن سعيد [عن الإمام أحمد رحمه الله] بأن الأمر أسهل من النهي فهل يجوز جعلها رواية [عنه ينبني] ذلك على أصلين من أصول المذهب على ما هو مقرر في موضعه أحدهما أن الإمام إذا سئل عن مسألة فأجاب فيها بحظر أو إباحة ثم سئل عن غيرها فقال ذلك أسهل وذلك أشد أو قال: كذا أسهل من كذا فهل يقتضي ذلك المساواة بينهما في الحكم أم الاختلاف اختلف في ذلك الأصحاب فذهب أبو بكر غلام الخلال إلى المساواة [بينهما] في الحكم وقال أبو عبد الله بن حامد يقتضي ذلك الاختلاف [لا المساواة] الأصل الثاني إذا رويت عنه رواية تخالف أكثر منصوص فهل يجوز جعلها مذهبا له [أم لا] ؟ فذكر أبو بكر2 الخلال وصاحبه عبد [العزيز إلى] أنها ليست
Bogga 5
مذهبا [له] 1 وذهب ابن حامد إلى أنه لا يطلق ذلك وإن كان دليلها أقوى قدمت.
فتحرر من ذلك أن لأصحابنا في إثباتها رواية أعني رواية الميمون وعلى ابن سعيد في الأمر طريقين [فطريقة أبي بكر نفيها في الأصلين وهو الأولى2] في مسألة الأمر [خصوصها3] لضعف دليلها ومخالفتها لأكثر العلماء وأكثر منصوص وطريقة ابن حامد إثباتها4 في الأصلين وهو حسن والله أعلم.
وذهب أبو الحسين البصري وجماعة [من] المعتزلة إلى أنها للوجوب كقولنا قال ابن برهان: هو قول الفقهاء قاطبة.
Bogga 6
مسألة: لفظ الأمر إذا أريد به الندب
فهو حقيقة فيه على ظاهر كلامه واختار أكثر أصحابنا القاضي وابن عقيل وهو نص الشافعي حكاه أبو الطيب وقال هو الصحيح من مذهبه وقالت الحنفية الكري والرازي هو مجاز واختاره عبد الرحمن الحلواني من أصحابنا وعن الشافعي كالمذهبين "ز" وللمالكية وجهان والثاني اختيار أبي الطيب لما أفرد المسألة وحكاه أبو الطيب في أوائل كتابه عن نص الشافعي أنه مأمور به بخلاف قوله: لما أفرده مسألة واختاره ابن عقيل وقال هو قول أكثر أهل العلم [من] الأصوليين والفقهاء.
Bogga 6
مسألة: وإن أريد به الإباحة
فعندي أنه مجاز وهو قول الحنفية والمقدسي واختيار1 ابن عقيل وقال هو قول أكثر أهل العلم من الأصوليين وذكر أبو الخطاب أن هذه المسألة من فوائد الأمر هل هو حقيقة في الندب فيجيء
Bogga 6
فيها1 الوجهان لنا وقال القاضي [يكون حقيقة] أيضا وحكي عن الشافعية كالمذهبين وهو مقتضى كلام القاضي في مسألة الأمر بعد الحظر وحكي ابن عقيل أن الإباحة أمر وأن المباح مأمور به عن البلخي وأصحابه والأول أصح وهو للمقدسي في أوائله في [قسمة] المباح.
فصل:
التحقيق في مسألة أمر الندب مع قولنا إن الأمر المطلق يفيد الإيجاب أن يقال الأمر المطلق لا يكون إلا إيجابا وأما المندوب إليه فهو مأمور به أمرا مقيدا لا مطلقا فيدخل في مطلق الأمر لا في الأمر المطلق يبقى أن يقال فهل يكون حقيقة أو مجازا فهذا بحث [اصطلاحي] .
وقد أجاب عنه أبو محمد البغدادي بأنه مشكك كالوجود والبياض.
وأجاب القاضي بأن الندب يقتضي الوجوب فهو كدلالة العلم على بعضه2 وهو عنده ليس مجازا3 وإنما المجاز دلالته على غيره.
قال شيخنا رضي الله عنه قلت: الندب الذي [هو الطلب] غير الجازم [جزء من] الطلب [الجازم] فتكون [فيه الأقوال الثلاثة التي هي في العام] يفرق في الثالثة بين القرينة4 اللفظية المتصلة كقولك من فعل فقد [أحسن] وبين غيرها
فصل:
ذكر القاضي وغيره في ضمن المسألة أن المندوب5 طاعة فوجب أن يكون
Bogga 7
مأمورا به كالواجب وسائر كلامه في المسألة يقتضي أن كل مندوب إليه فهو مأمور به حقيقة وهذا قول أبي محمد وهو غير قولنا المأمور به ندبا مأمور به حقيقة فإن هذا [أخص من] 1 الأول وكلام [الإمام] أحمد في إطلاق الأمر على [ما أمر] به النبي صلى الله عليه وسلم أمر ندب دليل على أنه ليس كل ما بعد قربة فقد أمر به حقيقة وهذا أصح فيصير في المسألتين ثلاثة أقوال وقد ذكر القاضي أيضا في موضع [آخر] أن المرغب فيه لا يكون مأمورا به وإن كان طاعة فصار أيضا في المرغب فيه من غير أمر هل يسمى طاعة وأمرا حقيقة ثلاثة أقوال الثالث أنه طاعة وليس بمأمور به.
فصل:
قال القاضي كون الفعل حسنا ومرادا على الوجوب ما لم يدل دليل على التخيير وفي النوافل والمباحات قد ذكر الدليل فلهذا لم يقتض الوجوب قال: وجواب آخر أنا لا نسلم أن الأمر يدل على حسن المأمور به وإنما يدل على طلب الفعل واستدعائه من الوجه الذي بينا وذلك يقتضي الوجوب وهذا هو [الجواب] 2 المعول عليه.
قال شيخنا قلت: فيه فائدتان إحداهما نفي الأول والثانية قوله: "يدل على الطلب والاستدعاء" فجعله مدلول الأمر لا غير [الأمر] 3 "زد".
فصل:
قال الرازي ليس من شرط الوجوب تحقق العقاب على الترك هذا هو المختار وهو قول القاضي أبي بكر خلافا للمعتزلة4.
Bogga 8
مسألة: في أن للأمر صيغة [حقق الجويني]
صحة هذه العبارة على كلا
Bogga 8
المذهبين مذهب [مثبتي] كلام [النفس] ومذهب نفاته فقولنا صيغة الأمر عند من أثبته فمعناه أن لهذا المعنى صيغة عبارة تشعر به وأما من نفاه فقولهم صيغة الأمر كقولك1 ذات الشيء ونفسه وآيات القرآن وأن الأشعرية القائلين بالوقف اختلفوا في تنزيل مذهبه فمنهم من قال: الصيغة مشتركة وضعا ومنهم من قال: المعنى بالوقف أنا لا ندري على أي وضع جرى قول القائل "افعل" في اللسان فهو إذا مشكوك فيه "ز" ومنع ابن عقيل أن يقال للأمر والنهي صيغة أو أن يقال هي دالة عليه بل الصيغة نفسها هي الأمر والنهي2 والشيء لا يدل على نفسه قال: وإنما يصح هذا على قول المعتزلة الذين يقولون الأمر والنهي والإرادة والكراهة والأشاعرة الذين يقولون هما معنى قائم في النفس والصيغة دالة على ذلك المعنى وحكاه عنه وأما أصحابنا فإني تأملت المذهب فإذا به يحكم بأن الصيغتين أمر ونهي قال: فقول شيخنا الصيغة دالة بنفسها على الأمر والنهي اتباع لقول المتكلمين وإلا فليس لنا أمر ونهي غير الصيغة بل ذلك قول وصيغة والشيء لا يدل على نفسه
[قال شيخنا أبو العباس حفيد المصنف] قلت: قول القاضي وموافقيه صحيح من وجهين أحدهما أن الأمر مجموع اللفظ والمعنى فاللفظ دال على التركيب وليس هو عين المدلول3 الثاني أن اللفظ دال على صيغته التي هي الأمر به كما يقال يدل [على] كونه أمرا ولم يقل على الأمر
فصل:
حقق ابن عقيل صيغة الأمر على مذهب أهل السنة ومذهب الأشعرية في
Bogga 9
أول كتابه في الحدود وفي مسائل الخلاف وقال الفخر إسماعيل في حد الأمر انه خطاب أصلي يستدعي به الأعلى من الأدنى فعلا وذكر لاشتراط الأصالة فوائد فلينظر.
وحاصل قول ابن عقيل أن نفس الإيجاب الذي هو استدعاء الأعلى من الأدنى على وجه الحتم والتضييق لا يقبل التزايد والتفاضل كسائغ وجائز ولازم وقولنا في الخبر صادق وكاذب وفي الصفات عالم فإن ذلك كله لما انتظم حد واحد وكان حقيقة واحدة فلا يقال أعلم وأصدق وأكذب وكما لا يمكن أن تكون معرفة المعلوم على ما هو به أمرا يتزايد كذلك الاستدعاء ونسلم اختلافه بحسب الثواب والعقاب لتعدد المحل كاختلاف العلم بالنسبة إلى المعلومات وسلم له العماد أن الصدق على الشيء الواحد أو الكذب لا يتفاوت ومنعه في العلم والمعرفة بناء على مسألة الإيمان وذكر في حجة المخالفة صحة التفاضل بقولهم أحب وأحسن وأبغض وأقبح وأنه لا خلاف أنه يحسن أن يقال الظلم صفة أقبح الزيادة1 وادعى أيضا أن حقيقة الطهارة والسكون وكون الشيء سنة2 لا تقبل الزيادة بخلاف [الحموضة] والحلاوة وأما التزايد بحسب المفعول أو الأمر وهو التعلق [فلا خلاف فيه] وقد يسلم قولهم أصدق [باعتبار خبرين] وكثرة الصدق [وقلته] ويسلم أيضا أوجب بمعنى زيادة الثواب والعقاب وهو يمنع التفاضل في نفس الصفة المتعلقة وتسمية التعلق وهذا ضعيف والصواب أن جميع الصفات المشروطة بالحياة تقبل التزايد وكذلك غير المشروطة بالحياة تقبل التزايد ولنا في المعرفة الحاصلة في القلب في الإيمان هل تقبل الزيادة والنقص روايتان والصحيح [في] مذهبنا ومذهب جمهور أهل السنة إمكان الزيادة في جميع هذا الباب وذلك أمر يجده الإنسان من نفسه عند التأمل.
Bogga 10
فصل:
ولا بد في أصل الصيغة المطلقة من اقترانها بما يفهم منه [المأمور] 1 أن مطلقها ليس بحاك عن غيره ولا هو2 كالنائم ونحوه
فصل:
ذكر القاضي في كتاب الروايتين والوجهين خلافا في الوقف في الظواهر [في المذهب] 3 فقال هل للأمر صيغة له مبينه في اللغة تدل بمجردها على كونه أمرا إذا تعرت4 عن القرائن أم لا نقل عبد الله عنه في الآية إذا جاءت عامة مثل: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} 5 وأن قوما قالوا: يتوقف فيها فقال أحمد قال الله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} 6 فكنا نقف لا نورث حتى ينزل أن لا يرث قاتل ولا مشرك ونقل صالح أيضا في كتاب طاعة الرسول قال: وقال: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} 5 فالظاهر يدل على أن من وقع عليه اسم سارق وإن قل وجب عليه القطع حتى بين النبي صلى الله عليه وسلم القطع في ربع دينار وثمن المجن فقد صرح بالأخذ بمجرد اللفظ ومنع من الوقف فيه وهذا يدل على أن له صيغة تدل بمجردها7 على كونه أمرا وقال في رواية أبي عبد الرحيم الجوزجاني من تأول القرآن على ظاهره بلا أدلة من الرسول ولا أحد من الصحابة فهو تأويل أهل البدع لأن الآية قد تكون عامة قصدت لشيء بعينه ورسول الله
Bogga 11
صلى الله عليه وسلم هو المعبر عن كتاب الله تعالى [وقال] فقد منع من الأخذ بظاهر الآية حتى يقترن ببيان الرسول فظاهر هذا أنه لا صيغة له تدل بمجردها على كونه أمرا بل هو على الوقف حتى يدل الدليل على المراد بها من وجوب أو ندب والمذهب هو الأول وأن له صيغة تدل بمجردها على كونه أمرا ولا يجب الوقف وقد صرح به في مواضع كثيرة من كلامه في مسائل الفروع.
قلت قال الشيخ: أولا نصوص أحمد إنما هي في العموم لا في الأمر لكن القاضي اعتبر جنس الظواهر من الأمر والعموم وغيرهما وهو اعتبار جيد من هذا الوجه فيبقى أنه قد حكى عن أحمد رواية بمنع التمسك بالظواهر المجردة [كما حكى عنه رواية بالقياس بمنع التمسك بالمعاني المجردة] وقد جمعهما في قوله: ينبغي للمتكلم [في أمر] 1 الفقه أن يجتنب2 هذين الأصلين المجمل والقياس ومن أصحابنا من يدفع هاتين الروايتين ويفسرهما بما يوافق سائر كلامه فيكون مقصوده أحد شيئين إما منع التمسك بالظواهر3 حتى تطلب المفسرات لها من السنة والإجماع كما هو إحدى الروايتين المعروفتين وأما منع إلا كتفاء بها وحدها4 مع معارضة السنة5 [والإجماع كما هو طريقة كثير من أهل الكلام والرأي أنهم يدفعون السنة والأثر] بمخالفة ظاهر القرآن ولهذا صنف رسالته المشهورة في الرد على من اتبع الظاهر وإن خالف السنة والأثر وهذا المعنى لا ريب أنه أراده فإنه كثير في كلامه وقد قصد إليه بوضع كتاب والمعنى الذي قبله قريب من كلامه فيحكى6 حينئذ في اتباع الظواهر ثلاث روايات إحداهن اتباعها [مطلقا] 7
Bogga 12
ابتداء إلا أن يعلم ما يخالفها ويبين المراد بها والثاني لا تتبع حتى يعلم ما يفسرها وهو الوقف المطلق ولا أبعد أنه قول طائفة من المحدثين كما في القياس وكذلك حكى أبو حاتم في اللامع أن أكثر ظواهر القرآن تدل على الأشياء بأنفسها [ومن الناس] من قال: كل شيء منه محتاج إلى تفسير الرسول والأئمة1 التي أخذت عن الرسول والثالث وهو الأشبه بأصوله وعليه [أكثر أجوبته] أنه يتوقف فيها إلى أن يبحث عن المعارض فإذا لم يوجد المعارض عمل بها وهذا هو الصواب إن شاء الله كما اختاره أبو الخطاب2.
ثم إن هنا لطيفة وهي أن أحمد لم يقف لأجل الشك في اللغة كما هو مذهب الواقفة في الأمر والعموم وقد سلم الظهور في اللغة ولكن هل يجوز العمل بالظن المستفاد من الظواهر الأقيسة هذا مورد كلامه فتدبره ففرق بين وقف لتكافؤ الاحتمالات عنده وإن سلم ظهور بعضها في اللغة لكن لأن التفسير والبيان قد جاء كثيرا بخلاف الظهور اللغوي إما لوضع شرعي أو عرفي أو لقرائن متصلة أو منفصلة فصاحب هذه الرواية يقف وقفا شرعيا والمحكى خلافهم في الأصول يقفون وقفا لغويا.
ثم قال:
Bogga 13
مسألة: إذا ثبت أن له صيغة مبنية له
تدل بمجردها على كونه أمرا فهل يدل إطلاقها على الوجوب أم لا نقل عنه أبو الحارث إذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب العمل به فظاهر هذا أنه يقتضي الوجوب.
قلت يقتضي وجوب العمل به على ما اقتضاه من إيجاب أو استحباب أو تحريم
Bogga 13
قال: وكذلك نقل صالح عنه فيمن صلى خلف الصف وحده قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة وكذلك نقل عنه إبراهيم بن الحارث إذا أخرج القيمة في الزكاة أخشى إلا يجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكذا ونقل صالح في كتاب طاعة الرسول في قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} 1 بالظاهر يدل على أنه إذا ابتاع شيئا أشهد عليه فلما تبايع الناس وتركوا الإشهاد استقر حكم الآية على ذلك ونقل الميمون عنه وقد سئل عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا" فقال الأمر أسهل من النهي وكذلك نقل علي بن سعيد قال: ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندي أسهل مما نهي عنه فقال فقد غلظ في النهي وسهل في الأمر وظاهر هذا يمنع من الوجوب وأنه على الندب.
قلت بل يقتضي أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده وذكر القاضي النهي محل وفاق في المذهب في اقتضائه التحريم.
فصل:
وذكر القاضي أن الكتابة والإشارة لا تسمى أمرا يعنى حقيقة ذكره محل وفاق وقد ذكر في موضع آخر أن الكتابة عندنا كلام حقيقة وأظنه في مسألة الطلاق بالكتابة.
فصل:
وذكر القاضي هل يجيء الاستفهام عن الأمر المجرد هل هو واجب أو مستحب فيه منع وتسليم.
Bogga 14
فصل:
ذكر القاضي من ألفاظ أحمد التي أخذ منها أن الأمر عنده على الوجوب قال في رواية أبي الحارث: إذا ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب العمل به.
قلت دلالة هذا ضعيفة.
وقال في رواية مهنا وذكر له قول مالك في الكلب يلغ في الإناء لا بأس به فقال ما أقبح هذا من قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغسل سؤر الكلب سبع مرات" ونقل صالح عنه فيمن صلى خلف الصف وحده أن يعيد الصلاة أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا صلى خلف الصف وحده أن يعيد الصلاة وهذا كثير في كلامه وقال في كتاب طاعة الرسول: {وأشهدوا إذا تبايعتم} فالظاهر يدل على أنه إذا ابتاع شيئا أشهد فلما تأول قوم من العلماء: {فإن أمن بعضكم بعضا} 1 استقر حكم الآية على ذلك.
قلت: هذه الرواية نص في أن ظاهر افعل هو الأمر.
وقال مسألة الأمر إذا لم يرد به الإيجاب وإنما أريد به الندب فهو حقيقة في الندب كما هو حقيقة في الإيجاب نص عليه أحمد في رواية ابن إبراهيم فقال آمين أمر من النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا أمن القارئ فأمنوا" فهو أمر من النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك نقل الميمون عنه إذا زنت الأمة الرابعة قال: عليه أن يبيعها وإلا كان تاركا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك نقل حنبل عنه يقاد إلى المذبح قودا رفيقا وتورى السكين ولا تظهر عند الذبح أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت أما رواية الميمون فدلالتها] 2 على أن الأمر عنده للوجوب أظهر فإن فتياه تدل على أنه أوجب البيع لأجل الأمر.
Bogga 15
مسألة: وإذا صرف الأمر عن الوجوب جاز أن يحتج به
على الندب أو الإباحة وبه قال بعض الحنفية وبعض الشافعية "ز" ومنهم الرازي وبعضهم قال: لا يحتج به كذا حكاه القاضي وكذلك اختاره ابن برهان ولفظه الأمر إذا دل على وجوب فعل ثم نسخ وجوبه لا يبقى دليلا على الجواز بل يرجع إلى ما كان عليه خلافا للحنفية وكذلك [اختاره] أبو الطيب الطبري ولفظه إذا صرف الأمر عن الوجوب لم يجز أن يحتج به على الجواز قال: لأن اللفظ موضوع لإفادة الوجوب دون الجواز وإنما الجواز تبع للوجوب إذ لا يجوز أن يكون واجبا ولا يجوز فعله فإذا سقط الوجوب يسقط التابع له1 "ز" وهذا الذي ذكره أبو محمد التميمي من أصحابنا "ز د" وذكر أبو الخطاب [أن] هذه المسألة من فوائد الأمر هل هو حقيقة في الندب فيجيء فيها الوجهان "ح" وكذلك ذكر القاضي في مسألة الأمر بعد الحظر.
Bogga 16
مسألة: الفعل لا يسمى أمرا حقيقة بل مجازا
في قول إمامنا وأصحابه والجمهور "ح" وأكثر المالكية وقال بعض متأخري الشافعية يسمى أمرا حقيقة "د" وذهب أبو الحسين البصري والقاضي أبو يعلى في الكفاية إلى أن1 لفظ الأمر مشترك بين القول وبين البيان والطريقة وما أشبه ذلك وهذا هو الصحيح لمن أنصف "د" ونصره ابن برهان وأبو الطيب وهو مذهب بعض المالكية أعنى أن الفعل يسمى أمرا حقيقة.
Bogga 16
مسألة صيغة الأمر بعد الحظر
لا تفيد إلا مجرد الإباحة عند أصحابنا "د" وهو قول مالك وأصحابه "ه" وهو ظاهر قول الشافعي وبعض الحنفية وحكاه ابن برهان وقال أكثر الفقهاء حكمها حكم ورودها ابتداء "ز" وحكي عن بعض أصحابنا وللشافعية فيه وجهان والثاني اختيار أبي الطيب وذكر أن القول
Bogga 16