Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وكهول طواهم الركفق والكر ... كمثل الكرات يوم الطعان وقد زعم قوم أن الفرس من ولد لوط من ابنتيه، زهى ورعوى، ولأصحاب التوراة في هذا خبر طويل، وذكر آخرون أنهم من ولد بوان بن إيران بن الأسود بن سام بن نوح، وبوان هذا هو الذي ينسب إليه شعب بوان من بلاد فارس، وهو أحد المواضع المشهورة في العالم بالحسن، وكثرة الأشجار، وتدفق المياه، وكثرة أنواع الأشجار، وقد ذكره بعض الشعراء فقال:
فشعب بوان فوادي الراهب ... فثم نلقي أرحل النجائب
ومنهم من رأى أن الفرس من ولد إيران بن أفريدون، وقد قدمنا في صدر هذا الكتاب أخبار ولد أفريدون حين قسم الأرض بينهم، وما قاله الشاعر في ذلك من قوله:
ولإيران جعلنا عنوة ... فارس الملك وفزنابالنعم
فأضيف الفرس إلى ذلك، وإيران تسمية الفرس أيرج إذا عرفوا اسمه، ولا تناكر بين الفرس جميعا في أنها من ولد أيرج جميعا، وأيرج هو إيران بن أفريدون هذاهو المستفيض بينهم، والأغلب عليهم: أنهم من آلي أيرج، ومن الناس من ذهب إلى أن سائر أجناس الفرس وأهل كور الأهواز من ولد عيلام، ولا خلاف بين الفرس في أن الجميع منهم من ولد كيومرث وهذا هو الأشهر، وكيومرث هو قبل أيرج بن أفريدون، وأيرج بن أفريدون هو الذي ترجع إليه فارس من ولد كيومرث ومن الناس من ذهب إلى أن الفرس الثانية وهم الساسانية دون من سلف من الفرس الأولى هم من ولد منوشهربن أيرج بن أفريدون، ومنهم من ذهب إلى أن منوشهر هو ابن مشجر بن ويرك، وويرك هو إسحاق بن إبراهيم الخليل، وسار مشجر إلى أرض فارس، وكان بها امرأة متملكة يقال لها كورك ابنة أيرج، فتزوجها، فولدت له منوشهر الملك، وكثر ولده، فملكوا الأرض، وغلبوا عليها، وهابتهم الملوك لما هم عليه من الشجاعة والفروسية، ودثرت الفرس الأولى كدثور الأمم الماضية والعرب العاربة.
قال المسعودي: وأكثر حكماء العرب من نزار بن معد يقول هذا، ويعمل عليه في بدء النسب، وينقاد إليه كثيرمن الفرس، ولا ينكرونه، وقد ذكرته شعراء العرب من نزار بن معد، وافتخرت على اليمن من قحطان بالفرس، وأنها من ولد إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، فقال في ذلك إسحاق بن سويد العدوي عدي قريش:
إذا افتخرت قحطان يوما بسؤدد ... أتى فخرنا أعلى عليها وأسودا
ملكناهم بلدا بإسحاق عمنا ... وصاروا لنا غرما على الدهرأعبدا
فإن كان منهم تبع وابن تبع ... فأملاكهم كانوا لأملاكنا يدا
ويجمعنا والغرأبناء سارة ... أب لا يبالي بعده من تفردا
هم ملكوا شرقا وغربا ملوكهم ... وهم منحوهم بعد ذلك سؤددا
وفي ذلك أيضا يقول جريربن الخطفي التميمي يفخر على قحطان بأن الفرس والروم من أولاد إسحاق، والأنبياء من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، من كلمة طويلة يقول فيها:
وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا ... حمائل موت لابسين السنورا
إذا افتخروا عحوا الصبهبذ منهم ... وكسرى وعدوا الهرمزان وقيصرا
وكان كتاب الله فيهم ونوره ... وكانوا بإصطخر الملوك وتسترا
ومنهم سليمان النبي الذي دعا ... فأعطي بنيانا وملكا مقدرا
أبونا أبوإسحاق، يجمع بيننا ... أب كان مهديا نبيا مطهرا
بني قبلة الله التي يهتدى بها ... فأورثنا عزا وملكا معمرا
وموسى وعيسى والني خرساجدا ... وأنبت زرعا دمع عينيه أخضرا
ويعقوب منهم، زاده الله حكمة ... وكان ابن يعقوب نبيامطهرا
ويجمعنا والغرأبناء فارس ... أب لا يبالي بعده من تأخرا
أبونا خليل الله، والله ربنا ... رضينا بما أعطى الإله وقدرا
وفي ذلك يقول بشار بن برد:
نمتني الكرام بنوفارس ... قريش وقومي قريش العجم
Bogga 102