Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
وفي السنة الرابعة من مولده شق الملكان بطنه، واستخرجا قلبه، فشقاه وأخرجا منه علقة سوداء ثم غسلا بطنه وقلبه بالثلج، وقال أحدهما لصاحبه: زنه - بعشرة من أمته، فوزنه فرجع، ثم ما زال يزيد حتى بلغ الألف، فقال والله لو وزنته بأمته لوزنها.
وفي السنة الخامسة ردته إلى أمه مرضعته حليمة؛ وقيل: في مستهل السادسة وبين ذلك وبين عام الفيل خمس سنين وشهران وعشرة أيام.
وفي السنة السابعة من مولده خرجت به أمه إلى أخواله تزورهم، فتوفيت بالأبواء، وقدمت به أم أيمن إلى مكة بعد خامسة من موت أمه .
وفي السنة الثامنة من مولده توفي جده عبد المطلب، وضمه عمه أبو طالب إليه، وكان في حجره، وخرج مع عمه إلى الشام، وله ثلاث عشرة سنة، ثم خرج في تجارة لخديجة بنت خويلد إلى الشام مع غل أمه ا ميسرة وهو ابن خمس وعشرين سنة.
قال المسعودي: وقد أتينا على مبسوط هذا الباب، في كتابينا أخبار الزمان والأوسط.
ذكر مبعثه صلى الله عليه وسلم وما جاء في ذلك إلى هجرته
ثم بعث الله رسوله وأكرمه بما أختصه به من نبوته، بعد بنيان الكعبة بخمس سنين على ما قدمنا آنفا، وهو ابن أربعين سنة كاملة، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وأخفى أمره ثلاث سنين، ونكح خديجة بنت خويلد وله خمس وعشرون سنة وأنزل عليه بمكة من القران اثنتان وثمانون سورة، ونزل تمام بعضها بالمدينة، وأول ما نزل عليه من القران " اقرأ باسم ربك الذي خلق " ، وأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم في ليلة السبت، ثم في ليلة الأحد، وخاطبه بالرسالة في يوم الاثنين، وذلك بحراء، وهو أول موضع نزل فيه القرآن، وخاطبه بأول السورة إلى قوله تعالى: " علم الإنسان ما لم يعلم " ونزل تم أمها بعد ذلك؛ و خوطب بفرض الصلوات ركعتين ركعتين، ثم أمر بإتم أمها بعد ذلك، واقرت ركعتين في السفر وزيد في صلاة الحضر.
تحديد المبعث
وكان مبعثه صلى الله عليه وسلم على رأس عشرين سنة من ملك كسرى أبرويز، وذلك على رأس مائتي سنة من يوم التحالف بالربذة، وذلك لستة الاف ومائة وثلاث عشرة سنة من هبوط آدم عليه السلام، وقد ذكر مثل هذا عن بعض حكماء العرب في صدر الإسلام ممن قرأ الكتب السالفة على حسب ما استخرج منها، وفي ذلك يقول في أرجوزة طويلة:
في رأس عشرة من السنين ... إلى ثلاث حصلت يقين
والمائة المعدوة التمام ... إلى الوف سدست نظام
أرسله الله لنا رسولا ... وكان فينا هادي السبيلا
إسلام علي بن أبي طالب
وقد تنوزع في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأسل أمه ، فذهب كثير من الناس إلى أنه لم يشرك بالله شيئا فيستأنف الإسلام، بل كان تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم في جميع أفعاله مقتديا به، وبلغ وهو على ذلك، وأن الله عصمه وسدده ووفقه لتبعيته لنبيه عليه السلام؛ لأنهما كانا غير مضطرين ولا مجبورين على فعل الطاعات، بل مختارين قادرين، فاختارا طاعة الرب، وموافقة أمره، واجتناب منهياته، ومنهم من رأى أنه أول من آمن، وأن الرسول دعاه وهو موضع التكليف بظاهر قوله عز وجل: " وأنذر عشيرتك الأقربين " ، وكان بدؤى بعلني إذ كان أقرب الناس إليه وأتبعهم له، ومنهم من رأى غير ما وصافنا، وهذا موضع قد تنازع الناس فيه من الشيعة، وقد احتج كل فريق لقوله ممن قال بالنص في الإمامة والاختيار، وأرضى كل فريق كيفية إسلامه ومقدار سنيه، وقد أتينا على الكلام في ذلك على الشرح والإيضاح في كتابنا المترجم بكتاب الصفوة في الإمامة وفي كتاب الاستبصار وفي كتاب الزاهي وغيره من كتبنا في هذا المعنى.
إسلام أبي بكر ومن أسلم بإسلام أمه
ثم أسلم أبو بكر رضي الله عنه، ودعا قومه إلى الإسلام، فأسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فهؤلاء النفر سبقوا الناس بالإيمان، وقد قال بعض من تقدم من الشعراء في صدر الإسلام يذكرهم:
فيا سائلي عن خيار العبا ... د، صادفت ذا العلم والخبره
Bogga 280