245

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

والبيت السابع بأعالي بلاد الصين، بناه ولد عامور بن سوبل بن يافث ابن نوح، وأفرده للعلة الأولى؛إذ كان منشأ هذا الملك ومبدأه وباعث الأنوار إليه، وقيل: إنما بناه بعض ملوك الترك في قديم الزمان وجعله سبعة أبيات في كل بيت منها سبع كوى يقابل كل كوة صورة منصوبة على صورة كوكب من الخمسة والنيرين من أنواع الجواهر المضافة إلى تأثير تلك الكواكب، من ياقوت أو عقيق أو زمرد على اختلاف ألوان الجواهر، ولهم في هذا الهيكل سر يسرونه في بلاد الصين، بما قد زخرف لهم فيه القول وزينه لهم الشيطان، ولهم في هذا الهيكل علوم في اتصال الأجسام السماوية وأفعالها بعالم الكون الذي تحدثه، وما يحدث فيه من الحركات والأفعال عند تحرك الأجسام السماوية؛ وقد قرب ذلك إلى عقولهم: بأن جعل لهم مثالا من الشاهد يدل على ما غاب عنهم من فعل الأجسام السماوية في هذا العالم، وهو خشب الديباج الذي ينسج به؛فبضرب من حركات الصانع بذلك الخشب والخيوط إلإبريسم تحدث ضروب من الحركات، فإذا اتصلت أفعاله وتواترت حركاته من النسج للثوب الديباج تحت الصورة فيه؛فبضرب من الحركات يظهر جناح طائر، وبآخر رأسه، وبآخر رجلاه،فلا يزال كذلك حتى تتم الصورة على حسب مراد الصانع لها؛فجعلوا هذا المثال واتصال الإبريسم بآلة النسج وما يدحثه الصانع في ذلك من الأفعال مثالا لما ذكرنا من الكواكب العلوية، وهي الأجسام السماوية، فبضرب من الحركات ظهر في العالم الطائر وبضرب آخر بيضة وبضرب آخر فرخ، وكذلك سائر ما يحدث في العالم، ويسكن ويتحرك ويوجد ويعدم، ويتصل وينفصل، ويجتمع ويفترق، ويزيد وينقص، من جماد أو نبات أو حيوان ناطق أو غير ناطق، فإنما يحدث عن حركات الكواكب على حسب ما وصفنا من نسج الديباج وغيره من الصنائع، وأهل صناعة النجوم لا يتناكرون أن يقولوا: أعطته الزهرة كذا، وأعطاه المريخ كذا، كالشقرة وصهوبة الشعر وأعطاه زحل خفة العارضين وجحوظ العينين وأعطاه عطارد الصنعة وأعطاه المشتري الحياء والعلم والدين، وأعطته الشمس كذا، وأعطاه القمر كذا، وهذا باب يكثر القول فيه ويتسع وصف مذاهب الناس فيه، وما قالوه في بابه.

ذكر البيوت المعظمة عند اليونانيين

بيت إنطاكية

البيوت المضاف بناؤها إلى من سلف من اليونانيين ثلاثة بيوت: فبيت منها كان بإنطاكية من أرض الشام، على جبل بها داكأ المدينة، والسور محيط بها، وقد جعل المسلمون في موضعه مرقبا ا ليننرهم من قد رتب فيه من الرجال بالروم إذا وردوا من البر والبحر، وكان يعظمونه، ويقربون فيه القرابين،فخرب عند مجيء الإسلام، وقد قيل إن قسطنطين الأكبر بن هيلاني الملكة المظهرة لدين النصرانية هو المخرب لهذا البيت، وكانت فيه الأصنام والتماثيل من الذهب والفضة وأنواع الجواهر، وقد قيل: إن هذا البيت هو بيت بمدينة إنطاكية على يسره الجامع اليوم، وكان هيكلا عظيما، والصابئة تزعم أن الذي بناه سقلابيوس، وهو في هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - سوق بسوق الجزارين، وقد كان ثابت بن قرة بن كراني الصابئ الحراني - حين وافى المعتضد بالله في سنة تسع وثمانين ومائتين في طلب وصيف الخادم - أتى هذا الهيكل وعظمه، وأخبر من شأنه ما وصفنا.

الأهرام بمصر وبيت المقدس

والبيت الثاني من بيوت اليونانيين هو بعض تلك الأهرام التي بمصر وهو يرى من الفسطاط على أميال منها.

والبيت الثالث هو بيت المقدس، على مازعم القوم، وأهل الشر إنما تخبر أن داود عليه السلام بناه وأتمه سليمان بعد وفاة أبيه، والمجوس تزعم أن الذي بناه الضحاك؛وأنه سيكون له في المستقبل من الزمان خطب طويل، ويقعد فيه ملك عظيم، وذلك عند ظهور شوبين على بقرة من صفتها كذا، ومعه من الناس كذا من العدد، وأقاصيص تدعيها المجوس في هذا المعنى، واختلاط طويل ننزه كتابنا عن ذكره، والله تعالى ولي التوفيق.

ذكر البيوت المعظمة عند أوائل الروم

كانت البيوت المعظمة عند أوائل الروم قبل ظهور دين النصرانية بيت ببلاد المغرب بمدينة قرطاجنة - وهي تونس - من وراء بلاد القيروان، وهي من أرض الإفرنجة، وبني على اسم الزهرة بأنواع من الرخام.

والبيت الثاني بإفرنجة، وهو بيت عظيم عندهم.

Bogga 264