Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ومضى عنك حزيرا ... ن وتموز وآب
وأيلول ثلاثون يومأ، ولخمس منه عيد زكريا، ولعشر منه تطع الصرفة فينصرف الحر، ولثلاث عشرة منه عيد الصليب، وهو الرابع عشر منه، وفي هذا اليوم تفتح الترع بمصر على حسب ما ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب، ولتمام عشرين منه، يستوي الليل والنهار، وقال أبو نواس:
مضى أيلول وارتفع الحرور ... وأخبت نارها الشعرى العبور
سر تسمية المهرجان
وتشرين الأول أحد وثلاثون يوما، وفيه يكون المهرجان، وبين النيروز والمهرجان مائة وتسعة وستون يوما، وعند الفرس في معنى المهرجان أنه كان لهم ملك في قديم الزمان من ملوك الفرس قد عم ظلمه خواص الناس وعوأمه، وكان يسمى مهر، وكانت الشهور تسمى بأسماء الملوك، فقيل مهرماه، ومعنى ماه: هو الشهر، وأن ذلك الملك طال عمره واشتدت وطأته؛فمات في النصف من هذا الشهر، وهو مهرماه، فسمي ذلك اليوم الذي مات فيه مهرجان وتفسيره نفس مهر ذهبت؛لأن الفرس تقدم في لغتها ما تؤخره العرب في كل أمه ا، وهذه اللغة اللهلوية، وهي الفارسية الأولى، وأهل المروآت بالعراق وغيرها من مدن العجم يجعلون هذا اليوم أول يوم من الشتاء؛ فتغير فيه الفرش والآلات وكثيرا من الملابس، ولخمس منه - وهو تشرين الأول - عيد كنيسة القيامة ببيت المقدس، وفي هذا اليوم تجتمع النصارى من سائر الأرض، وتنزل عليهم نأر من السماء فيسرج هناك الشمع، ويجتمع فيه من المسلمين خلق عظيم للنظر إلى العيد، ويقتلع فيه ورق الزيتون، ويكون للنصارى فيه أقاصيص، ولهذه النار حيلة لطيفة وسر عظيم، وقد ذكرنا وجه الحيلة في ذلك في كتابنا المترجم بكتاب القضايا والتجارب وتشرين الثاني ثلاثون يوما، وكانون الأول ثلاثون يوما، ولتسع عشرة منه يكون النهار تسع ساعات ونصفا وربعا، وهو منتهى قصره، والليل أربع عشرة ساعة وربعا، وهو منتهى طوله، وليلة الخامس والعشرين منه ميلاد المسيح عليه السلام، وكانون الثاني أحد وثلاثون يوما، وأول يوم منه القلندس، فيكون فيه بالشام لأهله عيد يوقدون في ليلته النيران، ويظهرون الأفراح، لا سيما بمدينة إنطاكية، وما يكون في كنيسة القسيان بها من القداس عندهم، وكذلك بسائر الشام وبيت المقدس ومصر وأرض النصرانية كلها، وما يظهر أهل دين النصرانية بإنطاكية من الفرح والسرور وإيقاد النيران والمآكل والمشارب، ويساعدهم على ذلك عوام الناس وكثير من خواصهم، وذلك أن مدينة إنطاكية بها كرسي البطرك المعظم عندهم في ديانتهم، وأن النصرانية تسمى إنطاكية مدينة الله، ويسمونها أيضا مدينة الملك، وأم المدن، لأن بدؤ ظهور النصرانية كان فيها.
بطارقة النصارى
والبطارقة عند النصرانية أربعة: أولهم صاحب مدينة رومية، ثم الثاني وهو. صاحب مدينة قسطنطينية، وهي أقسس، واسمها القديم بوزنطيا، ثم الثالث وهو صاحب الإسكندرية من أرض مصر، ثم الرابع وهو صاحب إنطاكية، ورومية وإنطاكية لبطرس، فبدءا برومية لأنها لبطرس، ثم ختموا بإنطاكية لأنها له، وتعظيما لبولس، وقد أحدثوا كرسيا ببيت المقدس، ولم يكن هذا متقدما؛ وإنما هو محدث، وكان لإيليا وهو بيت المقدس أسقف ولكورة لد من أرض فلسطين.
مشهور كنائسهم
وبإنطاكية أيضا كنيسة بولس، وتعرف بإنطاكية بدير البراغيث وهي مما يلي باب فارس، وبها أيضا كنيسة أخرى تدعى أشمونيت، وبها عيد عظيم للنصرانية وكذلك بها كنيسة بربارا، وكنيسة مريم وهي كنيسة مدورة، وبنيانها من إحدى عجائب العالم في التشييد والرفعة، وكان الوليد بن عبد الملك بن مروان اقتلع من هذه الكنيسة عمدأ عجيبة من المرمر والرخام لمسجد دمشق حملت في البحر إلى ساحل دمشق، وبقي الأكثر من هذه الكنيسة إلى هذا الوقت.
Bogga 247