Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

Al-Masuudi d. 346 AH
107

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وكان وزير أبرويز، والغالب عليه، والمدبر لأمره حكيم من حكماء الفرس وهو بزرجمهر بن البختكان، فلما خلا من ملكه ثلاث عشرة سنة اتهمه بالميل إلى بعضر الزنادقة من الثنوية، فأمر بحبسه، وكتب إليه: كان من ثمرة علمك ونتيجة ما أداك إليه عقلك، أن صرت أهلا للقتل. وموضعا للعقوبة، فكتب إليه بزرجمهر: أما إذ كان معي الجد فقد كنت أنتفع بثمرة عقلي، فاللآن إذ لا جد معي فقد أنتفع بثمرة الصبر، وإذ قد فقدت كثير الخير فقد استرحت من كثير من الشر، وأغرى أبرويز ببزرجمهر، فدعا به، وأمر بكسر أنفه وفمه، فقال بزرجمهر: فمي لأهل لما هو شر من هذا، فقال أبرويز: ولم يا عدو الله المخالف. فقال لأني كنت أصفك لخواص الناس وعوامهم بما ليس فيك، وأقربك مل قلوبهم، وأرفع من محاسن أمورك ما لم تكن عليه، اسمع مني يا شر الملوك نفسا، وأخبثهم فعلا، وأسوأهم عشرة، أتقتلني بالشك وترفع به اليقين الذي قد علمته مني من التمسك بالشريعة؟ من ذا الذيى يرجوعدلك يثق بقولك ويطمئن إليك. فغضب أبرويز، وأمر به فضرب عنقه، ولبزرجمهر في أيدي الناس قضايا وحكم ومواعظ وكلام كثير في الزهد غيره، وندم أبرويز على قتله، وتأسف، ودعا بخير اريس الوزير الثاني، كانت مرتبته دون مرتبة بزرجمهر، فلما رأى بزرجمهر قتيلا أسف عليه، علم أنه لا ينجو، فأغلظ لأبرويز في الكلام، فأمر به فقتل وأغرق في دجلة، فلما عدم هذين الرجلين وما كان عليه من الكفاية وتدبير الملك استوحش من شريعة العدل وواضحة الحق فعدل إلى الجور والعسف بخواص رعيته وعوامها، وحملها على ما لم تكن تعهد، وأوردهم إلى ما لم يكونوا يعرفونه من الظلم، فوثب بطريق من بطارقة الروم يقال له فوقاس فيمن اتبعه على موريقس ملك الروم حمي أبرويز ومنجده فقتلوه، وملكوا فوقاس، ونمى ذلك إلى أبرويز فغضب لحميه، وسير إلى الروم الجيوش كانت له في ذلك أخبار يطول ذكرها، وسير شهريار مرزبان المغرب إلى حرب الروم، فنزل أنطاكية، فكانت له مع الروم وأبرويز أخبار ومكاتبات حيل إلى أن خرج ملك الروم إلى حرب شهريار، وقدم خزائنه في البحر،ألف مركب، فألقتها الريح إلى ساحل أنطاكية، فغنمها شهريار، حملها إلى أبرويز، فسميت خزائن الريح، ثم فسدت الحال بين أبرويز وشهريار، ومايل شهريار ملك الروم، فسيره شهريار نحو العراق إلى أن انتهى إلى النهروان، فاحتال أبرويز في كتب كتبها مع بعض أساقفة النصرانية ممن كان في ذمته حتى رده إلى القسطنطينية وأفسد الحال بينه بين شهريار، وغير ذلك مما قد أتينا على ذكره في الكتاب الأوسط.

يوم ذي قار

وفي ملك أبرويز كانت حروب ذي قار، وهو اليوم الذي قال فيهالنبي صلى الله عليه وسلم هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم، ونصرت عليهم، وكانت وقعة ذي قار لتمام أربعين سنة من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة بعد أن بعث، وقيل: بعد أن هاجر، وفي رواية أخرى أنها كانت بعد وقعة بحر بأشهر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكانت هذه الوقعة بين بكر بن وائل والهرمزان صاحب كسرى أبرويز، وقد أتينا على هذه الأخبار على الشرح والإيضاح في الكتاب الأوسط، فأغنى ذلك عن إيراده في هذا الموضع.

إرهاصات النبوة ببلاد فارس

Bogga 122