Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ثم ملك بعده يزدجردبن بهرام، وكان ملكه تسع عشرة سنة. وقيل:ثمان عشرة سنة وأربعة أشهر وثمانية عشر يوما وقد كان بنى حائطا باللبن والطين بناحية الباب والأبواب على حسب ما قممنا فيما سلف من هذا الكتاب في ذكرنا للباب والأبواب وجبل القبخ، وأحضر يزدجرد بن بهرام رجلا من حكماء عصره كان في أقاصي مملكته آخذا من أخلاقهم ومقتبس الرأي منه يسوس به رعيته، فقال له يزدجرد وقد مثل بين يديه: أيها الحكيم الفاضل، ما صلاح الملك؟ فقال: الرفق بالرعية، وأخذ الحق منهم من غير مشقة، والتودد إليهم بالعدل، وأمن السبل، وإنصاف المظلوم من الظالم، قال: فما صلاح أمر الملك. فقال: وزراؤه وأعوانه فإنهم إن صلحوا صلح، وإن فسحوا فسد، وقال له يزدجرد: إن الناس قد أكثروا في أسباب الفتن، فصف لي ما الذي يشبها وينشئها، وما الذي يسكنها ويدفنها، قال: يشبها ضغائن وينشئها جرأة عامة ولدها استخفاف بخاصة، وأكدها انبساط الألسن بضمائر القلوب، وإشفاق موسر، وأمل معسر، وغفلة ملتذ، ويقظه محروم، والذي يسكنها أخذ العدة لما يخاف قبل حلوله، وإيثار الجد حين يلتذ الهزل، والعمل بالحزم في الغضب والرضا.ثم ملك بعده هرمز بن يزدجرد، فنازعه أخوه فيروز، فقتله وولي الملك، وهو فيروز بن يزدجرد بن بهرام، وكان ملك فيروز إلى أن هلك على يدي ملك الهياطلة أخشنواز بمرو الروذ من بلاد حراسان سبعا وعشرين سنة، والهياطلة هم الصغد، وهم بين بخارى وسمرقند.ثم ملك بلاس بن فيروز الملك، وكان ملكه أربع سنين.
ثم ملك قباذ بن فيروز، وفي أيامه ظهر مزدك الزنديق، وإليه تضاف المزدكيه، وله أخبار مع قباذ، وما أحدثه في العامة من النواميس والحيل إلى أن قتله أنوشروان في ملكه، وكان ملك قباذ إلى أن هلك ثلاثا وأربعين سنة.
أنو شروان
Bogga 115