232

Murtajal

المرتجل في شرح الجمل لابن الخشاب

Baare

علي حيدر (أمين مكتبة مجمع اللغة العربية بدمشق)

Lambarka Daabacaadda

دمشق

Sanadka Daabacaadda

١٣٩٢ هـ - ١٩٧٢ م

Noocyada

كل هذه الحروف تعاويض من تخفيف أن وحذف اسمها، وهو ضمير الشأن والحديث مع إحدى نونيها التي وقع التخفيف بحذفها، فاعرفه. واعلم أن من الحروف ما أصله في كلامهم أن يكون عاملًا، وعلى ذلك استعملوه حين أعملوه، ثم يدخل عليه حرفٌ يسمى عندهم كافًا لكفه ما دخل عليه من العوامل عن عمله. فمن هذه العوامل المكفوفة "إن" وأخواتها، هي عاملة في المبتدأ وخبره كما قد علمت تنصب المبتدأ بأنه اسمها وترفع الخبر بأنه خبرها إذا قلت: إن زيدًا قائمٌ، فإذا دخلت عليها "ما" وهي الحرف الكاف هيأتها بدخولها لوقوع الفعل بعدها، فبطل مع دخولها عملها، لأنها تخرج بدخول "ما" عليها عن وضعها مختصة بالاسم دون الفعل وتصير مشتركة بينهما، ومن شرط العمل الاختصاص ومن شرط إبطاله الاشتراك. ويدلك على إبطال عملها وقوع الاسمين بعدها، إذا كفتها "ما"، مرفوعين فتقول: إنما زيدٌ قائم، والجملة من الفعل والفاعل، إنما يخرج زيدٌ غدًا، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (١) [النساء: ١٧١] و﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ﴾ (٢) [النازعات: ٤٥] فهذا ابتداوٌ وخبرٌ، وقال في الفعل والفاعل ﴿إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ (٣) [الأنبياء: ٤٥] و﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٤) [فاطر: ٢٨] وقال الشاعر:

(١) النساء ٤: ٤ ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ .. إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ..﴾. (٢) الرعد ١٣: ٨ ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾. (٣) الأنبياء ٢١: ٤٥ ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ﴾. (٤) فاطر ٣٥: ٢٨ ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ..﴾.

1 / 229