الأمير عبد الرحمن ضرة طروب مع بضع من كان يستطب لها عنده من ثقات قهارمتها يشير لها على ما دبر على الأمير من طريق العلاج، ويأمرها أن تحذره من شرب ما يأتيه نصر به أو يرسله، فوقاه جده بذلك، وسقى الخصي معينًا له.
وقد كان الأمير شكا إلى نصر خلال ذلك خلطًا تحرك به عدل له عن أخذ الدواء الذي من عادته وإعداده ليوم فارقه على التوحش أمامه، فكان من توطئة نصر لذلك ما قدر أنه واقع به لا محالة. وبكر بذلك الخلط المسموم إلى الأمير في اليوم الذي ربط فيه موعده، فأصابه حذرًا للذي سبق إليه، فتعلل على نصر، ووصف وعكًا طاف به ليلته، فنكث مرته، فلا فضل فيها للدواء، وأشار عليه بشربه، إذ لم يزل كثيرًا يسعده في مثله، فذهب يعتذر بعدم التوحش له، فزجره وقال: سبحان الله! شيء اجتهدت لي فيه وألطفت تركيبه تخاف غائلته؟ عزمت لتشربنه! فعلم نصر أن خلافة لا يمكنه، فشربه بين يديه، واستأذنه في الخروج إلى منزله، فأمره، فانطلق يركض وركضه يزيده شرًا، واستغاث بالحراني، فعرفه بما جرى عليه، والسم يجد به، فقال له: عليك بلبن المعز، فإن شربه يفتر عنك! ففرق غلمانه في طلبه، فعوجل قبل أن يؤتى به، ومضى لسبيله.
فسر الناس بحتفه، وأطبقوا على ذمه، وقال يحيى الغزال عدوه الموتور من لدنه عند موته: من البسيط.
1 / 151