322

Al-Muntaqa sarh Muwatta

المنتقى شرح موطأ

Daabacaha

مطبعة السعادة

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1332 AH

Goobta Daabacaadda

بجوار محافظة مصر

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المنتقى]
الْعَدُوِّ ثُمَّ يَذْهَبُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ إلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ وَيَأْتِي الصَّفُّ الثَّانِي فَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ رَكْعَةً ثُمَّ يَقْضِي الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مَكَانَهُمْ ثُمَّ يَذْهَبُونَ إلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ وَيَأْتِي أُولَئِكَ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَسْنَدُ رَوَاهُ عَنْهُ صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ وَسَمَاعُهُ مِنْهُ صَحِيحٌ وَخَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَدْ صَغُرَ عَنْ السَّمَاعِ مِنْهُ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الْإِسْنَادِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِحَدِيثِ سَهْلٍ لِمُوَافَقَتِهِ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَعَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَعَهُ وَقَوْلُهُ فَإِذَا سَجَدُوا وَهَذَا يَقْتَضِي إفْرَادَهُمْ بِالسُّجُودِ وَلَوْ سَجَدَ بِهِمْ الْإِمَامُ لَقَالَ فَإِذَا سَجَدْتُمْ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ﴿فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٢] إلَى قَوْله تَعَالَى ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] .
وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي إفْرَادَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى بِالسُّجُودِ ثُمَّ تَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فِي صَلَاةٍ وَعَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَا تَنْفَرِدُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بِالسُّجُودِ دُونَ الْإِمَامِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ صَلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] وَعَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ طَائِفَةٌ لَمْ تُصَلِّ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ كَبَّرَ بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ.
وَدَلِيلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَوْ تَسَاوَيَا وَلَمْ يَكُنْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ وَيَرْجِعَ إلَى سَائِرِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ وَإِذَا رَجَعْنَا إلَيْهَا فَكَانَ مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ وَلِحِمَايَتِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَمَا قُلْنَاهُ هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ التَّحَرُّزُ لِأَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَكُونُ أَبَدًا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لِتَحْفَظَ الطَّائِفَةَ الْمُصَلِّيَةَ وَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ تَكُونُ الطَّائِفَتَانِ أَبَدًا مُصَلِّيَتَيْنِ فَلَا تَبْقَى طَائِفَةٌ تَحْفَظُ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ تَغَيُّرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا دَخَلَهَا التَّغْيِيرُ لِفَائِدَةِ التَّحَرُّزِ وَالْحِفْظِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ.
(فَصْلٌ):
ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى تَفْسِيرِ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ فَقَوْله إنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ يَعْنِي أَنَّهَا تُصَلِّي مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ يَعْنِي تَحْرُسُ الْمُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَوْلُهُ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا يَعْنِي أَنَّهُ أَتَمَّ بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَهَا وَهِيَ الرَّكْعَةُ الْكَامِلَةُ وَإِنَّمَا ثَبَتَ قَائِمًا لِأَنَّ قِيَامَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا يَكُونُ إلَّا إلَى قِيَامٍ فَثَبَتَ فَإِنَّمَا وَهَذَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا فَهَلْ يَثْبُتُ لِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا؟
اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ كِنَانَةَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ جَالِسًا وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إذَا أَكْمَلَ التَّشَهُّدَ قَامَ فَأَتَمَّتْ حِينَئِذٍ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهَا وَانْتَظَرَ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ قَائِمًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاوَاةِ مَا أَمْكَنَ وَمِنْ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ أَنْ يَبْدَأَ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا ابْتَدَأَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِقُعُودِهِ وَلَا أَمَارَةَ تَعْلَمُ بِهَا الطَّائِفَةُ الَّتِي يُصَلِّي مَعَهَا انْقِضَاءَ تَشَهُّدِهِ لِتَقُومَ لِلْقَضَاءِ إلَّا بِإِشَارَةٍ وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ فَإِنَّ بِقِيَامِهِ يُعْلَمُ ذَلِكَ فَكَانَ انْتِظَارُهُ إيَّاهُمْ قَائِمًا.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ يَنْتَظِرُهُمْ جَالِسًا فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْكُتَ أَوْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا قُلْنَا يَنْتَظِرُهُمْ قَائِمًا فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْكُتَ أَوْ يَدْعُوَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ تُحْرِمَ الطَّائِفَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ حَتَّى تُحْرِمَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَرُبَّمَا أَكْمَلَهَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَإِذَا كَانَ انْتِظَارُهُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ سَفَرٍ قَائِمًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: السُّكُونُ وَالدُّعَاءُ وَالْقِرَاءَةُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهُ حَتَّى تُكَبِّرَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَتُدْرِكُ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
(فَصْلٌ):
وَقَوْلُهُ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ يَعْنِي أَكْمَلُوا صَلَاتَهُمْ لِيَتَفَرَّغُوا لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَحِفْظِ النَّبِيِّ ﷺ

1 / 323