Muntaqa Min Minhaj Ictidal
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
Baare
محب الدين الخطيب
وَطول الشَّيْخ هُنَا بعبارات منطقية وبحوث دقيقة إِلَى أَن ذكر دَلِيل التمانع فِي قَوْله (لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا) فَقَالَ إِن دَلِيل التمانع أَنه لَو كَانَ للْعَالم صانعان لَكَانَ أَحدهمَا إِذا أَرَادَ أمرا وَأَرَادَ الآخر خِلَافه مثل أَن يُرِيد أَحدهمَا إطلاع الشَّمْس من مشرقها وَيُرِيد الآخر إطلاعها من مغْرِبهَا إمتنع أَن يحصل مرادهما إِذْ ذَلِك جمع بَين الضدين فَيلْزم أَن لَا يحصل مُرَاد وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا يكون رَبًّا
وَكَذَا إِذا أَرَادَ أَحدهمَا تَحْرِيك شَيْء وَأَرَادَ الْأُخَر تسكينه
فَإِن قيل يجوز أَن تتفق الإرادتان فَنَقُول إِذا فرض ربان فإمَّا أَن يكون كل مِنْهُمَا قَادِرًا بِنَفسِهِ أَو لَا يكون قَادِرًا إِلَّا بِالْآخرِ
فَإِن لم يكن قَادِرًا إِلَّا بِالْآخرِ كَانَ هَذَا مُمْتَنعا لذاته مقتضيا للدور فِي الْعِلَل والفاعلين فَإِنَّهُ يسْتَلْزم أَن يكون كل مِنْهُمَا جعل الآخر قَادِرًا وَلَا يكون أَحدهمَا فَاعِلا حَتَّى يكون قَادِرًا
فاذا كَانَ كل مِنْهُمَا جعل الاخر قَادِرًا فقد جعله فَاعِلا وَيكون كل مِنْهُمَا جعل الآخر رَبًّا وَهَذَا مُمْتَنع من ربين واجبين بأنفسهما قديمين لِأَن هَذَا لَا يكون قَادِرًا رَبًّا فَاعِلا حَتَّى يَجعله الآخر كَذَلِك وَكَذَلِكَ الآخر وَهَذَا مُمْتَنع ضَرُورَة فالدور القبلي مُمْتَنع لذاته كالدور فِي الفاعلين والعلل فَيمْتَنع أَن يكون كل من الشَّيْئَيْنِ عِلّة للْآخر وفاعلا لَهُ أَو جُزْءا من الْعلَّة فَإِذا كَانَ كل مِنْهُمَا لَا يكون قَادِرًا أَو فَاعِلا إِلَّا بِالْآخرِ لزم أَن يكون كل مِنْهُمَا عِلّة فاعلة وَعلة لتَمام مَا بِهِ يصير الآخر قَادِرًا فَاعِلا وَذَلِكَ مُمْتَنع ضَرُورَة فَلَزِمَ أَن الرب لَا بُد أَن يكون قَادِرًا بِنَفسِهِ فَإِن أمكنه إِرَادَة خلاف مَا يُرِيد الآخر أمكن إختلافهما وَإِن لم يُمكنهُ أَن يُرِيد إِلَّا مَا يُرِيد الآخر لزم الْعَجز فَمَتَى فرض لُزُوم إتفاقهما أبدا كَانَ ذَلِك مُمْتَنعا لذاته وَقد يُمكن هَذَا فِي مخلوقين بِأَن يجعلهما ثَالِث قَادِرين فيكونان متعاونين كاليدين فَإِنَّهُ تحدث لَهما قُوَّة بإجتماعهما وَيمْتَنع ذَلِك فِي حالتين فَإِنَّهُ إِن كَانَ أَحدهمَا قَادِرًا على الإستقلال والإنفراد وَلم يشْتَرط فِي فعله معاونة الآخر أمكن أَحدهمَا أَن يفعل مَا لَا يُريدهُ الآخر أَو مَا يُرِيد خِلَافه وَإِن لم يكن قَادِرًا على الإنفراد إمتنع أَن يحصل لَهما عِنْد الإجتماع قُوَّة لما فِي
1 / 150