Muntakhab Min Zuhd Wa Raqaiq

Al-Khaatib Al-Baqdaadi d. 463 AH
69

Muntakhab Min Zuhd Wa Raqaiq

المنتخب من كتاب الزهد والرقائق

Baare

د. عامر حسن صبري

Daabacaha

دار البشائر الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٠هـ - ٢٠٠٠م

Goobta Daabacaadda

بيروت / لبنان

إِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَكُلَّ كَبِدٍ جَائِعَةٍ تُخَاصِمُكَ إِلَى اللَّهِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَا أُسَامَةُ وَإِيَّاكَ وَدُعَاءُ عُبَّادٍ قَدْ أَذَابُوا اللُّحُومَ بِالرِّيَاحِ وَالسُّمُومِ، وَأَظْمَأُوا الْأَكْبَادَ، حَتَّى غُشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمْ سُرَّ بِهِمْ وَبَاهَى بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، بِهِمْ تُصْرَفُ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ "، ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اشْتَدَّ نَحِيبُهُ، وَهَابَ النَّاسُ أَنْ يُكَلِّمُوهُ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِي السَّمَاءِ حَدَثٌ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيهِمْ، فَكَيْفَ يَقْتُلُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَطَاعَ اللَّهَ ﷿ " فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: فَفِيمَ يَقْتُلُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ؟ قَالَ: " يَا عُمَرُ، تَرَكَ الْقَوْمُ الطَّرِيقَ، وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ، وَلَبِسُوا اللَّيِّنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَتَزَيَّنُ مِنْهُمُ الرَّجُلُ بِزِينَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَيَتَبَرَّجُ النِّسَاءُ، زِيُّهُمْ زِيُّ الْمُلُوكِ، وَدِينُهُمْ دِينُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزٍ، يَتَسَمَّنُونَ، يَتَبَاهُونَ بِالْجَشَاءِ وَاللِّبَاسِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الْعَبَا، مُنْحَنِيَةٌ أَصْلَابُهُمْ، قدْ ذَبَحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْعَطَشِ، إِذَا تَكَلَّمَ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ كُذِّبَ وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ قَرِينُ الشَّيْطَانِ وَرَأْسُ الضَّلَالَةِ، تُحَرِّمُ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ، تَأَوَّلُوا كِتَابَ اللِّهِ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَاسْتَذَلُّوا أَوْلِياءَ اللَّهِ ﷿، وَاعْلَمْ يَا أُسَامَةُ أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ طَالَ حُزْنُهُ، وُعَطَشُهُ، وُجُوعُهُ فِي الدُّنْيَا، الْأَخْفِيَاءُ الْأَبْرَارُ الَّذِينَ إِذَا شُهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا، وُإِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، يُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، يُخْفَوْنَ عَلَى أَهْلِ

1 / 118