Munqidh
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
Noocyada
إذ كان من حسن حظي أن أنجو مرة أخرى و«أرجع سالما إلى وطني»، وأنا مدين بالفضل في هذا - بعد الله - لديونيزيوس الذي أحبط محاولات الكثيرين للقضاء علي وأظهر في موقفه مني أنه لم يكن مجردا من الحياء.
وعندما وصلت إلى «صقلية» جعلت مهمتي الأولى هي التحقق من أن ديونيزيوس قد تملكه لهيب الحماس للفلسفة، وذلك كما أفادت الأخبار الكثيرة التي وردت إلى أثينا، أو أنه كان مجرد زعم لا أساس له من الصحة (340ب)، وهناك طريقة للتأكد من هذا وليس فيها أي جرح للكرامة، وهي طريقة تناسب الطغاة، خصوصا إذا كانت رءوسهم محشوة بالشعارات الفلسفية،
12
وهو الأمر الذي لاحظت بمجرد وصولي أنه ينطبق على ديونيزيوس.
والطريقة هي أن نبين لأمثال هؤلاء الناس طبيعة الموضوع بوجه عام، والصعوبات المرتبطة به «والمراحل المختلفة التي عليهم أن يجتازوها» (340ج)،
13
والجهد والمشقة اللذين يتطلبهما، فإذا استمع واحد منهم إلى هذا وكانت لديه الشرارة الإلهية التي تجعله جديرا بالفلسفة بدا له الطريق من الروعة بحيث يصمم على السير عليه بكل ما أوتي من قوة وإلا استحال عليه أن يعيش بعد ذلك. وعندئذ يحشد كل ما في طاقته وطاقة مرشده على هذا الطريق، ولا يتخلى عنه حتى يبلغ هدفه أو يأنس في نفسه القدرة على سلوك الطريق بنفسه بغير مرشد أو دليل. في مثل هذه الأفكار وحدها يعيش الموهوب للفلسفة؛ صحيح أنه يواصل نشاطه اليومي المعتاد، ولكنه يحرص بجانب ذلك على التمسك بالفلسفة وبأسلوب الحياة الذي يزيد قدرته على التذكر والتحصيل والتفكير، ويمكنه من التخلق بالقصد والاعتدال، أما الطريق المخالف لذلك فيكرهه كراهية تلازمه مدى الحياة (340د).
غير أن أولئك الذين لا يملكون الموهبة والاستعداد الحقيقي للفلسفة،
14
ولا يصيبون منها إلا حظا ضئيلا من المعرفة السطحية التي تشبه الاحمرار الذي يصيب جلود بعض الناس عندما يتعرضون لأشعة الشمس؛ فهم لا يلبثون أن يدركوا صعوبة المهمة، واستحالتها بالنسبة لهم، وذلك بمجرد أن يعرفوا مقدار ما يجب عليهم تعلمه، ومدى ما يتطلب منهم من مشقة، والاستقامة التي ينبغي عليهم أن يلتزموا بها في حياتهم. إنهم في الواقع عاجزون عن تنفيذ ما يطلب منهم
Bog aan la aqoon