وقال بعض الناس قد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في حديث الرؤيا قال في آخره: «أحب القيد وأكره الغل، القيد ثبات في الدين» (¬1) ، فإذا كان مكروها في المنام فكيف في اليقظة ؟! فقلت له في ذلك المجلس ما تقدم من الكلام أو نحو منه مع زيادة.
وخوفته من عاقبة الإصرار على البدعة وأن ذلك يوجب عقوبة فاعله ونحو ذلك من الكلام الذي نسيت أكثره لبعد عهدي به.
وذلك أن الأمور التي ليست مستحبة في الشرع لا يجوز التعبد بها باتفاق المسلمين ولا التقرب بها إلى الله ولا اتخاذها طريقا إلى الله وسببا لأن يكون الرجل من أولياء الله وأحبائه ولا اعتقاد أن الله يحبها أو يحب أصحابها كذلك أو أن اتخاذها يزداد به الرجل خيرا عند الله وقربة إليه، ولا أن يجعل شعارا للتائبين المريدين وجه الله الذين هم أفضل ممن ليس مثلهم.
فهذا أصل عظيم تجب معرفته والاعتناء به وهو أن المباحات إنما تكون مباحة إذا جعلت مباحات فأما إذا اتخذت واجبات أو مستحبات كان ذلك دينا لم يشرعه الله.
وجعل ما ليس من الواجبات والمستحبات منها بمنزلة جعل ما ليس من المحرمات منها فلا حرام إلا ما حرمه الله؛ ولا دين إلا ما شرعه الله؛ ولهذا عظم ذم الله في القرآن لمن شرع دينا لم يأذن الله به ولمن حرم ما لم يأذن الله بتحريمه فإذا كان هذا في المباحات فكيف بالمكروهات أو المحرمات ولهذا كانت هذه الأمور لا تلزم بالنذر فلو نذر الرجل فعل مباح أو مكروه أو محرم لم يجب عليه فعله كما يجب عليه إذا نذر طاعة الله أن يطيعه؛ بل عليه كفارة يمين إذا لم يفعل عند أحمد وغيره وعند آخرين لا شيء عليه فلا يصير بالنذر ما ليس بطاعة ولا عبادة [طاعة وعبادة].
Bogga 7