وأما الطاعة فقد برهنوا عنها في كل زمان كانوا يتمردون فيه على أبي الطائفة وسيدها، وقلما خلا زمن من تمرد.
فمن عهد مرتينوس الأمس إلى مرتينوس اليوم، والمؤامرات على سلامة دستور الطائفة - المجمع اللبناني - يدبرها هذا اللفيف المنقطع لعبادة الله، ولكن الملة اليوم غير أمس، فستحاسبهم حسابا صارما إذا داموا على هذا الكيد لها ولأبيها الأعظم الذي لا تعترف بسلطان لغيره عليها.
فإن صح النبأ؛ فسيكون دويه عظيما حتى تسمعه رومة بأذنيها.
ولكنني لا أصدق، فرومة جربت مرارا أن تدغم هذه الكنيسة الشرقية، ولكنها لم تنزل يوما عن شرقيتها، ولم ترض بها بديلا، فللموارنة ولع وفخر بهذا الاستقلال الطقسي، وهم لا يرتاحون إلى غيره، إنهم يشاركون رومة في الجوهر، وأما العرض فستتركه لهم إن شاء الله.
إن الطائفة اعتمدت منذ نشأتها معمودية الدم، ومعمودية الدم تفتح باب الملكوت بلا إذن ولا حساب.
ومعاذ الله أن تسلب رومة - وهي أم المؤمنين - ما وهبناه إياه التقليد والتاريخ، وأقرنا عليه جهادنا.
وإن زين لها أحد - وخصومنا كثر، وهم ممن أحسنا إليهم وأجرناهم - أن دفن مجمعنا سهل، فإننا نقول للناس أجمعين : «هذا فقيد عظيم، لا بد من القيام ليالي يعلم الله ما تلد.» فليس في يد أحد، حتى ولا صاحب الغبطة أيضا، أن يقول لنا: «تنازلوا عن استقلالكم واخضعوا.» لأننا لا نتنازل ولا نخضع إلا كارهين، ولا إكراه في الدين.
أكتب بهذا الوضوح، بل بالقلم العريض؛ ليعلم من يعنيهم الأمر ما عندنا، ويتأكدوا أن بلع هذه الحسكة غير هين، وإن هونه بعضهم فسيرى أنه ليس كما ظن، والآتي قريب.
فإذا كان هؤلاء الرؤساء يريدون أن يخرجوا من حظيرة الطائفة؛ فلهم ذلك، أما الأوقاف فهي لنا.
إننا لم نقفها لتكون سلاحا في أيديهم يحاربون به استقلال ملتهم بعد أربعة عشر قرنا ... ولا زعيم طائفتهم؛ لأنه رجل يخاف الله ويسهر عليهم كأناس يؤدون حسابهم، ولا ليمحو دماء ثلاثمائة وخمسين شهيدا لبسوا قبلهم الإسكيم، وماتوا على رجاء القيامة.
Bog aan la aqoon