فقال النبي ﵇: إن من الشعر لحكما.
وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: أن الله تعالى رفع بالشعر أقوامًا في الجاهلية والإسلام وأحظاهم بما سير المادحون من مدائحهم في البلاد حتى شهروا بأطوار الأرض، وعرفوا بأقاليم العجم. ودونت في الكتب آثارهم وألحق الله تعالى لمسارهم، وأعفاهم حميد أفعالهم، فمن شيد من أعقابهم ما اسسوا له، وثمر ما غرسوا، أضاف تالدا لطارف. ومن لم تكن له همة في تشيده فله مع السقوط مزية تقديم فضل آبائه، لا يمتنع الناس له من إكرامه ورفع مكجلسه، والرقة عليه وذكر فصائل سلفه، واغتفار ما يأتي من زلَلَه. ولهذا رغب الأولون في الذكر الجميل، وبذلوا فيه مهج النفوس وعقائل الأموال، ورغبوا عن الخفض والدعة
إلى نصب المسير، ومكابدة حر الهواجر، وسرى الليل، ومقارعة الأقران، ومنازلة الأبطال.
ومن عجيب الشعر أم مديح النفس والثناء عليها قبيح على قائله، وزار عليه إلا في الشعر، وقد اغتفروا الضرورة في الشعر، ولم يغفروها في غيره، ورغبة في تخليد أخبارهم، وكانوا لا يكتبون فجعلوا روايته بمقام الكتاب.
وقال محمد بن سلام الجمحي إن القصيد حديث الميلاد، وإنما قصد الشعر على عهد هاشم بن عبد مناف أو عبد المطلب بن هاشم، وإنما كانت العرب تقول الأراجيز والأبيات بها
لا حميري قعا ولا عدس ... ولا أست عنز يحكها البقر
وكان زرارة من أسنان بني عدس بن زيد، وهو أول المقصدين، وهلهل بن ربيعة، فيقال: إن بين موت زرارة بن عدس إلى أن جاء الإسلام مائة وخمسون سنة.
وقد قيل إن لليونانين كلاما موزونا بلسانهم يتغنون به، وليس بكثير غالب عليهم، وبالشعر يتمثل. قال علي بن أبي طالب ﵁ يوم صفين متمثلا:
1 / 24