وأنسك ما ندريه فيك من الحب
فدع عنك سوء الظن بي، وتعده
إلى غيره فهو الممكن في القلب
قريضك قد أبدى توحش جانب
فراجعت تأنيسا وعلمك بي حسبي
تكلفته أبغي به لك سلوة
وكيف يعاني الشعر مشترك اللب
واطمأن ابن عمار لهذه الأبيات، وأهوى إلى قدمي الملك يريد تقبيلهما، ورجاه أن يقدم للكونت ابن أخيه والعشرة الآلاف ذهبا، حسب الاتفاق في نظير أن يطلق سراح ابنه الراشد، ولكن «ريمون» طمع في أكثر من المبلغ المتفق عليه، فاشتط في الطلب، ولم يقبل عشرة الآلاف المشروطة، بل طلب ثلاثين ألفا ذهبا.
ولم يكن المعتمد يحمل كل المبلغ المطلوب، فأمر بضرب مسكوكات أدخل في تركيبها عناصر زائفة، ولحسن حظه لم يدرك «ريمون» مبلغ ما فيها من الغش فقبلها، وأطلق سراح الراشد ابن المعتمد. •••
وما زال ابن عمار - على الرغم من نجاحه الشبيه بالخذلان، ومحاولته الأولى المنطوية على الإخفاق - متطلعا إلى مرسية طامعا في أخذها، وقد زعم أن كتبا تواردت عليه من كبار زعماء مرسية تبعث عنده عظيم الأمل في النجاح المحقق، وأخذ يحسن للمعتمد غزوها حتى سمح له أن يذهب على رأس جيش إشبيلي لحصارها، وعند وصوله إلى قرطبة بقي فيها أربعا وعشرين ساعة حتى ينضم إليه الخيالة من جند المدينة، وأمسى ليلة وجوده بها في قصر ابن المعتمد الحاكم على المدينة، وبات يحادثه ليلته كلها، والأمير مسرور بحديثه، معجب بوفرة ذكائه، شاعر بجاذبية قوية نحوه إلى أن انبثق الفجر، فجاء أحد الخصيان يعلن بطلوع الفجر، فنظر إليه وارتجل ما معناه: «هذه ليلة قد أمضيناها مع الأمير في سرور، وقطعناها في حبور، وقد دامت وضاءة الجبين مشرقة المحيا، بطلعته البهية، وغرته المضية، فهي ليلة كلها بالأمير صبح، فماذا تعني بالفجر أيها الأحمق؟»
Bog aan la aqoon