أأنتم أضللتم عبادي أم هم ضلوا السبيل﴾ فيجيبون الله تعالى على ما يدل عليه قوله سبحانه: ﴿قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء﴾ ولا يلحقهم نقص من ذلك السؤال إذ القصد تبكيت الكفرة وإلزام أهل الضلال. وقد سأل سبحانه الملائكة مثل ذلك مع أنهم معصومون ليسوا بمحل للعتاب، قال تعالى ﴿ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون﴾. وأما عاشرا فلأن ما ذكر في ولادة عيسى غلط محض وكذب صريح لأن الأصح أن مولده بيت لحم وفلسطين وقيل مصر وقيل دمشق ولم يقل أحد المؤرخين إن مريم قد جاءها المخاض في المسجد الأقصى ولئن سلم ذلك فمن أين علم أنها أخرجت بالوحي؟ بل إنها لما حملت بعيسى ﵇ من غير أب كرهت إظهار الولادة منفردة ولذا تمنت الموت كما قال تعالى: ﴿فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا﴾ وأما القول بأنه قد أوحي إلى فاطمة بنت أسد بأن تضع في الكعبة فقول يضحك الثكلى وتضع منه الحبلى، والصحيح في ذلك أن عادة الجاهلية أن يفتح باب الكعبة في البوم الخامس عشر من رجب ويدخلون جميعهم للزيارة وكانت العادة أن النساء يدخلن قبل الرجال بيوم أو يومين وقد كانت فاطمة قريبة الوضع فاتفق أن ولدت هناك لما أصابها من شدة المزاحمة والمجاذبة وقد ورد في كتب الشيعة أن أبا طالب لما يئس من ولادتها لما زادت المدة المعلومة لما عراها من المرض أدخلها الكعبة للاستشفاء فرحمها الله تعالى بالولادة فيها ورووا عن زين العابدين أنه قال: أخبرتني زيدة بنت عجلان الساعدية عن أم عمارة بنت عباد الساعدية أنها قالت: كنت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا فقلت له: ما شأنك؟ قال إن فاطمة بنت أسد في شدة من الطلق وإنها لا تضع ثم إنه أخذ بيدها وجاء بها إلى الكعبة فدخل بها وقال: اجلسي على اسم الله فجلست وطلقت طلقة فولدت غلاما نظيفا فسماه أبو طالب عليا. (١) انتهى.
على أن ولادة الأمير في الكعبة لو أوجبت تفضيله على عيسى ﵇ لأوجبت تفضيله على النبي ﷺ
_________
(١) أخرجها عن العمدة، المجلسي، بحار الأنوار: ٣٥/ ٣٠.
1 / 44