فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ ... بالجَلهَتين ظِبَاؤهَا ونَعَامُهَا
أي وباضت نعامها، فإن النعام لا تلد بل تبيض، إذ هي من الطيور وهي لا تلد إلا الخفاش.
ومنه قول الآخر: (١)
إذا ما الغانيات برزن يوما وزَجِّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعُيُونا
أي وكحلن العيون. ومنه قول الآخر: (٢)
تَراهُ كأنَّ اللهَ يَجدَعُ أنفَه ... وعَينَيهِ إِنْ مولاهُ ثابَ له وَفْرُ
ومنه قول الأعرابي: علفتها تبنا وماء باردا، أي وسقيتها. (٣)
وأما رابعا: فلأن حمل الواو على معنى مع بدون قرينة لا يجوز، ولا قرينة ههنا، بل القرينة على خلافه لما تبين من وجوه التطبيق.
هذا ولما حصل الجمع بين الفريقين ولزم الترجيح رجع المحققون إلى سنة خير الورى ﷺ إذ هي المبينة لمعاني القرآن المجيد، وهذه واقعة جلية فقد كان ﵊ يتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات على رؤوس الأشهاد لأجل التعليم، ولم يروِ أحد - ولو بطريق الآحاد - أنه ﵊ مسح الرجلين، وقد روى الجميع غسلها بروايات متواترة، وقد اعترف بذلك الشيعة إلا أنهم يقولون قد روي لنا المسح عن الأئمة، وما روى أهل السنة الغسل عن أولئك محمول على التقية. هذا مع أن روايات غسل الرجلين عن الأئمة ثابتة في كتب الإمامية الصحيحة المعتبرة بحيث لا مجال للتقية فيها، فرواية الغسل متفق عليها ورواية المسح مختلف فيها عند الشيعة مع قطع النظر عن أهل السنة، فإن بعضهم قد روى تلك الرواية وبعضهم لم يروها، وفعله ﵊ سالم عن المعارض عند الفريقين؛ لأنه لم يروِ أحد المسح عنه ﵊، وظاهر أن فهم معاني القرآن كما هو مراد الله تعالى لم يكن لغير الرسول ﷺ ففهمنا حينئذ مطابق لفهمه ﵊.
ولنذكر ما روي في كتبهم من روايات غسل الرجلين التي لم يصل أحد منهم للطعن فيها:
فقد روى العياشي عن علي بن أبي حمزة قال: «سألت أبا إبراهيم (٤) عن القدمين، فقال
_________
(١) الراعي النميري
(٢) خالد بين الطيفان. ينظر الحيوان
(٣) قال سليمان بن داود البغدادي: «فهذا باتفاق علماء النحو وغيرهم دليل جواز تغاير المعطوف والمعطوف عليه في العامل، ثم قياسه صورة ما في الآية، على ما مثل به قياس مع الفارق، فإن وجود التقييد بالكعبين هو الحامل على تفسير المسح بالغسل الشبيه بالمسح ليتساوى المحدودان، وهما الأيدي والأرجل، وأيضا قراءة النصب قرينة أخرى لأنها ناصة على الغسل بعطفها الظاهر، بخلاف مثاله فإنه خال عن القرينتين، مع إن العمدة في مثل هذا المطالب، لا على اللفظ فقط، حتى يستنبط منه ليكون مشابها، بل العمدة على النقل المبين للقرآن من الشارع الذي هو المبين له، فلا يضر لو كان الكلام خاليا عن القرائن والاعتبارات فكيف بها». رسالة في الرد على الرافضة في مسح القدمين: ١١/ب.
(٤) في المطبوع (أبا هريرة) والتصحيح من كتب الإمامية
1 / 27