في قلوبهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين، فأمطر الله عليهم فشربوا واطهروا وتلبد الرمل للناس والدواب١. وقوله: ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ أي: بالصبر والإقدام على الأعداء، وهو شجاعة الباطن، ﴿ويثبت به الأقدام﴾، وهو شجاعة الظاهر.
وقوله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ ٢: هذه نعمة خفية أظهرها الله تعالى ليشكروه عليها، وهو أنه ﵎ وتقدس أوحى إلى الملائكة أن ثبتوا الذين آمنوا وآزروهم، وقيل الإلقاء في قلوبهم الظفر: ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ ٣ أي: اضربوا الرقاب أو الرؤوس، والبنان: الأطراف وهي أيديهم وأرجلهم، قال الربيع٤: "كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة بضرب فوق الأعناق وعلى البنان مثل سمة النار،". وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي: ما وقع عليهم بسبب هذه المشاقة، والكاف في ذلك لخطاب الرسول أو لكل أحد، وذلكم خطاب للكفرة، والمعنى ذوقوا هذا العاجل مع الذي لكم في الآخرة.
وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ
_________
١ ابن كثير: ٢/٢٩١- ٢٩٢.
٢ سورة الأنفال آية: ١٢-١٣-١٤.
٣ سورة الأنفال آية: ١٢.
٤ نفس المصدر والجزء/٢٩٣.
1 / 9