Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Daabacaha
دار القرآن الكريم
Daabacaad
السابعة
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
وهو المحكي عن ابن عباس ﵁، وإليه ذهب طاووس وسعيد بن جبير وغيرهما. وَعُمْدَتُهُمْ مَفْهُومُ الْآيَةِ، وَهُوَ مِنْ مَفَاهِيمِ الشَّرْطِ، وهو حجة عند أكثرهم فقدم عَلَى الْعُمُومِ عِنْدَهُمْ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ: "إِنْ زَنَتْ فحدُّوها، ثُمَّ إِنَّ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ. قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة. أخرجاه في الصحيحين. وعن مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: الضَّفِيرُ: الْحَبْلُ"، قَالُوا: فلم يؤقت فيه عدد كما أقت في المحصنة، وكما وقت في القرآن بنصف ما على المحصنات، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أعلم. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنْ لَا رَجْمَ عَلَى مَمْلُوكٍ فِي الزِّنَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمُحْصَنَاتِ لِلْعَهْدِ، وَهُنَّ الْمُحْصَنَاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات﴾ وَالْمُرَادُ بِهِنَّ الْحَرَائِرُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ للتزويج بحرة. وَقَوْلِهِ: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي يمكن تبعيضه وهو الجلد لا الرجم، والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ أَيْ إِنَّمَا يُبَاحُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا، وَشَقَّ عَلَيْهِ الصبر عن الجماع، فله حينئذ أن يتزوج بالأمة، وإن ترك تزوجها وَجَاهَدَ نَفْسَهُ فِي الْكَفِّ عَنِ الزِّنَا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ، لِأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا جَاءَ أَوْلَادُهُ أرقاء لسيدها، إلا أن يكون الزوج غريبًا فَلَا تَكُونُ أَوْلَادُهُ مِنْهَا أَرِقَّاءَ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ لِلشَّافِعِيِّ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الكريمة استدل جمهور العلماء في جواز العلماء نِكَاحِ الْإِمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عدم الطول لنكاح الحرائر، من خَوْفِ الْعَنَتِ، لِمَا فِي نِكَاحِهِنَّ مِنْ مَفْسَدَةِ رِقِّ الْأَوْلَادِ، وَلِمَا فِيهِنَّ مِنَ الدَّنَاءَةِ فِي العدول عن الحرائر إليهن، وخالف الجمهور أبو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ فِي اشْتِرَاطِ الْأَمْرَيْنِ فَقَالُوا: مَتَى لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مُزَوَّجًا بِحُرَّةِ جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ أَيْضًا، سَوَاءٌ كَانَ واجدًا لطول حرة أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا وعمدتهم فيما ذهبوا إليه قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِّن قَبْلِكُمْ﴾ أَيِ الْعَفَائِفُ وَهُوَ يَعُمُّ الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ وَهَذِهِ أَيْضًا ظَاهِرَةٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
- ٢٦ - يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
- ٢٧ - وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا
- ٢٨ - يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مَا أَحَلَّ لَكُمْ وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ، مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا، ﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ يَعْنِي طَرَائِقَهُمُ الْحَمِيدَةَ وَاتِّبَاعَ شَرَائِعِهِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا، ﴿وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ مِنَ الْإِثْمِ وَالْمَحَارِمِ، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أَيْ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا﴾ أَيْ يُرِيدُ أَتْبَاعُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْيَهُودِ والنصارى والزناة أن تميلوا عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ
1 / 377