Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Daabacaha
دار القرآن الكريم
Lambarka Daabacaadda
السابعة
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
أصحابه. وقال ابن الْمُبَارَكِ: مَرَّ رَجُلٌ بِرَاهِبٍ عِنْدَ مَقْبَرَةٍ وَمَزْبَلَةٍ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَاهِبُ إِنَّ عِنْدَكَ كَنْزَيْنِ مِنْ كُنُوزِ الدُّنْيَا لَكَ فِيهِمَا مُعْتَبَرٌ: كَنْزُ الرجال، وكنزل الْأَمْوَالِ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَعَاهَدَ قَلْبَهُ يَأْتِي الْخَرِبَةَ فَيَقِفُ عَلَى بَابِهَا فَيُنَادِي بِصَوْتٍ حَزِينٍ فَيَقُولُ: أَيْنَ أَهْلُكِ؟ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَقُولُ: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وجهه﴾ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا بِغَيْرِ الْعِبْرَةِ انْطَمَسَ مِنْ بَصَرِ قَلْبِهِ بِقَدْرِ تلك الغفلة. وقال بشر الْحَافِي: لَوْ تَفَكَّرَ النَّاسُ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ تعالى لما عصوه، وَعَنْ عِيسَى ﵇ أَنَّهُ قَالَ: يَا ابن آدم الضعيف اتق الله حيث ما كنت، وكن في الدنيا ضعيفًا، وَاتَّخِذِ الْمَسَاجِدَ بَيْتًا، وَعَلِّمْ عَيْنَيْكَ الْبُكَاءَ، وَجَسَدَكَ الصَّبْرَ وَقَلْبَكَ الْفِكْرَ، وَلَا تَهْتَمَّ بِرِزْقِ غَدٍ. وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁ أَنَّهُ بَكَى يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: فَكَّرْتُ فِي الدُّنْيَا وَلِذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا فَاعْتَبَرْتُ مِنْهَا بِهَا، مَا تَكَادُ شَهَوَاتُهَا تَنْقَضِي حَتَّى تُكَدِّرَهَا مَرَارَتُهَا. وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ، إِنَّ فيها مواعظ لمن ادكر.
وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَا يَعْتَبِرُ بِمَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدْرِهِ وآياته فقال: ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ في السموات وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ* وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ وَمَدَحَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خلق السموات وَالْأَرْضِ﴾، قَائِلِينَ: ﴿رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا﴾ أَيْ مَا خَلَقْتَ هَذَا الْخَلْقَ عَبَثًا، بَلْ بِالْحَقِّ لِتَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُوا، وَتَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى، ثُمَّ نَزَّهُوهُ عَنِ الْعَبَثِ وَخَلْقِ الْبَاطِلِ، فَقَالُوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أَيْ عَنْ إِنَّ تَخْلُقَ شَيْئًا بَاطِلًا. ﴿فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ أَيْ يَا مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ؛ يَا مَنْ هُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَالْعَيْبِ وَالْعَبَثِ، قنا من عذاب النار بحولك وقوتك، وَوَفِّقْنَا لِعَمَلٍ صَالِحٍ تَهْدِينَا بِهِ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَتُجِيرُنَا بِهِ مِنْ عَذَابِكَ الْأَلِيمِ، ثُمَّ قالوا: ﴿بنا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ أَيْ أهنته وأظهرت خزيهه لِأَهْلِ الْجَمْعِ، ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنْصَارٍ﴾ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا مُجِيرَ لَهُمْ مِنْكَ، وَلَا مَحِيدَ لَهُمْ عَمَّا أَرَدْتَ بِهِمْ، ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ﴾ أَيْ دَاعِيًا يَدْعُو إِلَى الْإِيمَانِ، وَهُوَ الرَّسُولُ ﷺ، ﴿أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ أَيْ يَقُولُ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا أَيْ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَاتَّبَعْنَاهُ أي بإيماننا بنبيك، ﴿رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ أَيِ اسْتُرْهَا، ﴿وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، ﴿وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾ أَيْ أَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِرُسُلِكَ، وَقِيلَ: معناه عَلَى ألسنة رسلك، وهذا أظهر ﴿وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة﴾ أي على رؤوس الْخَلَائِقِ، ﴿إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ أَيْ لَا بد من الميعاد الذين أَخْبَرْتَ عَنْهُ رُسُلَكَ وَهُوَ الْقِيَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بين يديك.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَاتِ الْعَشْرَ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ إِذَا قَامَ مِنَ الليل لتهجده فقال البخاري ﵀، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ الآيات، ثم قام فتوضأ واستن، ثم صلى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى ركعتين ثم خرج فصلى بالناس الصبح. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خرج ذات ليلة بعدما مَضَى لَيْلٌ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، وَتَلَا هَذِهِ الآية: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي
1 / 347