Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Daabacaha
دار القرآن الكريم
Lambarka Daabacaadda
السابعة
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإنْ حَآجُّوكَ﴾ أَيْ جَادَلُوكَ فِي التَّوْحِيدِ، ﴿فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ أَيْ فَقُلْ أَخْلَصْتُ عِبَادَتِي لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلاَ ندَّ لَهُ، وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا صَاحِبَةَ لَهُ. ﴿وَمَنِ اتبعن﴾ أي عَلَى دِينِي، يَقُولُ كَمَقَالَتِي كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعني﴾ الآية، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى آمِرًا لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى طَرِيقَتِهِ وَدِينِهِ وَالدُّخُولِ فِي شَرْعِهِ وَمَا بَعَثَهُ الله به إلى الكتابيين من المليين؟؟ والأميين من المشركين، فقال تَعَالَى: ﴿وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا، وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ﴾ أَيْ وَاللَّهُ عَلَيْهِ حِسَابُهُمْ وَإِلَيْهِ مَرْجِعُهُمْ وَمَآبُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ وَالْحُجَّةُ الدَّامِغَةُ. وَلِهَذَا قَالَ تعالى: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ أَيْ هُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الضَّلَالَةَ وَهُوَ الَّذِي ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ وما ذلك إلا لحمكته وَرَحْمَتِهِ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ وَأَمْثَالُهَا مَنْ أَصْرَحِ الدَّلَالَاتِ عَلَى عُمُومِ بِعْثَتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِهِ ضَرُورَةً، وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ والسنَّة فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ وَحَدِيثٍ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إليكم جميعًا﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا ثَبَتَ تَوَاتُرُهُ بِالْوَقَائِعِ المتعددة أنه ﷺ بعث كتبه يَدْعُو إِلَى اللَّهِ مُلُوكَ الْآفَاقِ وَطَوَائِفَ بَنِي آدَمَ مِنْ عَرَبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ، كِتَابِيِّهِمْ وَأُمِّيِّهِمْ امْتِثَالًا لأمر الله له بذلك، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، وَمَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ عن أبي هريرة) وَقَالَ ﷺ: «بُعِثْتُ إِلَى الأحمر والأسود» وقال: «كان النبي بعث إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» (أخرجاه في الصحيحين)
وروى الإمام أَحْمَدَ، عَنْ أنَس ﵁: أَنَّ غُلَامًا يَهُودِيًّا كَانَ يَضَعُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَأَبُوهُ قَاعِدٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا فُلَانُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ فَسَكَتَ أَبُوهُ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ، فَقَالَ أَبُوهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ الْغُلَامُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَخَرَجَ النَّبَيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ بِي مِنَ النَّارِ» (أخرجه البخاري وأحمد)
- ٢١ - إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
- ٢٢ - أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
هَذَا ذَمٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الكتاب، بما ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ فِي تَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، الَّتِي بلَّغتهم إِيَّاهَا الرُّسُلُ اسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ، وَعِنَادًا لَهُمْ وَتَعَاظُمًا عَلَى الْحَقِّ وَاسْتِنْكَافًا عَنِ اتِّبَاعِهِ، وَمَعَ هَذَا قَتَلُوا مَنْ قتلوا
1 / 273