Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Daabacaha
دار القرآن الكريم
Lambarka Daabacaadda
السابعة
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
Fasiraadda
- ٢٦٠ - وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ منهن جزء ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
ذَكَرُوا لِسُؤَالِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ أسبابًا، منها أنه لما قال لنمرود: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أَحَبَّ أَنْ يَتَرَقَّى من (علم اليقين) بذلك إِلَى (عَيْنِ الْيَقِينِ) وَأَنْ يَرَى ذَلِكَ مُشَاهِدَةً، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى! قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن! قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ فَأَمَّا الحديث الذي رواه الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى، قال: أو لم تُؤْمِن؟ قَالَ: بلى، وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" (أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري) فليس المراد ههنا بِالشَّكِّ مَا قَدْ يَفْهَمُهُ مَنْ لَا عِلْمَ عنده، بلا خلاف.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَا هِيَ؟ وَإِنْ كَانَ لَا طَائِلَ تَحْتَ تَعْيِينِهَا، إِذْ لو كان في ذلك مهم لَنَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قال: أَخَذَ وَزًّا وَرَأْلًا وَهُوَ (فَرْخُ النَّعَامِ) وَدِيكًا وطاووسًا، وقال مجاهد: كانت حمامة وديكًا وطاووسًا وغرابًا، وقوله: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ أي وقطعهن. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ أَوْثِقْهُنَّ، فَلَمَّا أَوْثَقَهُنَّ ذَبَحَهُنَّ ثُمَّ جَعَلَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا، فَذَكَرُوا أَنَّهُ عَمَدَ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الطَّيْرِ فَذَبَحَهُنَّ ثُمَّ قَطَّعَهُنَّ وَنَتَفَ رِيشَهُنَّ وَمَزَّقَهُنَّ وخلط بعضهن ببعض، ثُمَّ جَزَّأَهُنَّ أَجْزَاءً وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ منهن جزءًا ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ ﷿ أَنْ يَدْعُوَهُنَّ فَدَعَاهُنَّ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ ﷿، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الرِّيشِ يَطِيرُ إِلَى الرِّيشِ، وَالدَّمِ إِلَى الدَّمِ، وَاللَّحْمِ إِلَى اللَّحْمِ، وَالْأَجْزَاءِ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى قَامَ كُلُّ طَائِرٍ عَلَى حِدَتِهِ وَأَتَيْنَهُ يَمْشِينَ، سَعْيًا لِيَكُونَ أَبْلَغَ لَهُ فِي الرُّؤْيَةِ الَّتِي سألها.
وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ أَيْ عَزِيزٌ لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَمْتَنِعُ من شَيْءٌ، وَمَا شَاءَ كَانَ بِلَا مُمَانِعٍ لِأَنَّهُ الْقَاهِرُ لِكُلِّ شَيْءٍ، حَكِيمٌ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وشرعه وقدره.
- ٢٦١ - مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِتَضْعِيفِ الثَّوَابِ لِمَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ، وَأَنَّ الْحَسَنَةَ تُضَاعَفُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، فَقَالَ: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ يَعْنِي بِهِ الْإِنْفَاقُ فِي الْجِهَادِ مِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ، وَإِعْدَادِ السلاح وغير ذلك، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: الْجِهَادُ وَالْحَجُّ يضعَّف الدِّرْهَمَ فِيهِمَا إلى سبعمائة ضعف ولهذا قال تَعَالَى: ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾، وَهَذَا الْمَثَلُ أَبْلَغُ فِي النُّفُوسِ مِنْ ذِكْرِ عَدَدِ السَّبْعِمِائَةِ، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَالِحٍةَ يُنَمِّيهَا اللَّهُ ﷿ ⦗٢٣٧⦘ لِأَصْحَابِهَا، كَمَا يُنَمِّي الزَّرْعَ لِمَنْ بَذَرَهُ فِي الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ، وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِتَضْعِيفِ الْحَسَنَةِ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ.
كما روى الإمام أحمد عَنْ عِيَاضِ بْنِ غَطِيفٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أبي عبيدة نعوده من شكوى أصابه بجنبه، وامرأته قاعدة عن رَأْسِهِ قُلْنَا: كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَاتَ بِأَجْرٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَا بَتُّ بِأَجْرٍ، وَكَانَ مُقْبِلًا بِوَجْهِهِ عَلَى الْحَائِطِ فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ، وَقَالَ أَلَا تَسْأَلُونِي عَمَّا قُلْتُ! قَالُوا: مَا أَعْجَبَنَا مَا قَلْتَ فَنَسْأَلُكَ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ أَنْفَقَ نفقة فاضلة في سبيل الله فسبعمائة، وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ عَادَ مريضًا أو أماط أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة مالم يَخْرُقْهَا، وَمَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ ﷿ بِبَلَاءٍ في جسده فهو له حِطَّة» أي كفارة لذنوبه.
(حديث آخر): عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رجلاُ تَصَدَّقَ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَتَأْتِيَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بسبعمائة ناقة مخطومة» (رواه أحمد وأخرجه مسلم بلفظ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: «لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ»). (حَدِيثٌ آخَرُ): عن ابن عبد الله ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أن الله جعل حسنة ابن آدم إلى عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف غلا الصَّوْمَ وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَفَرْحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ريح المسك". (رواه الإمام أحمد عن عبد الله ابن مسعود).
(حديث آخر): عن ابن عمر لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «رَبِّ زِدْ أُمَّتِي»، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ قال: «رب زد أمتي»، فقال، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (أخرجه ابن مردويه ورواه أبو حاتم وابن حبان) وقوله: ﴿والله يُضَاعِفُ لم يَشَآءُ﴾ أَيْ بِحَسْبِ إِخْلَاصِهِ فِي عَمَلِهِ ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ أَيْ فَضْلُهُ وَاسِعٌ كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ خَلْقِهِ، عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ وَمَنْ لَا يستحق سبحانه وبحمده.
1 / 236