147

Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Daabacaha

دار القرآن الكريم

Lambarka Daabacaadda

السابعة

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
- ٢٣٣ - وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
هذا إرشاد من الله تعالى للوادات أَنْ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ كَمَالَ الرَّضَاعَةِ وَهِيَ (سَنَتَانِ) فَلَا اعْتِبَارَ بِالرَّضَاعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَّا مَا كَانَ دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَلَوِ ارْتَضَعَ المولود وعمره فوقهما لم يحرم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرِّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام» (رواه الترمذي عن أم سلمة وقال: حديث حسن صحيح) وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «إِلاَّ مَا كَانَ فِي الثَّدْيِ» أي في محالّ الرضاعة قبل الحولين لحديث: «إن ابني مات في الثدي وإن له مرضعا في الجنة» (رواه أحمد عن البراء بن عازب وقد قاله ﵇ عند موت ولده إبراهيم) وَإِنَّمَا قَالَ ﵇ ذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَهُ إِبْرَاهِيمَ ﵇ مَاتَ وَلَهُ سَنَةٌ وَعَشَرَةُ أشهر، فقال: إن له مرضعًا يعني تكمل رضاعته ويؤيده ما رواه الدارقطني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرضاع إلا ما كان في الحولين» (رواه مالك في الموطأ أخرجه الدارقطني واللفظ له) ⦗٢١٢⦘
وقال الطَّيَالِسِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ، وَلَا يُتْمَ (١) بَعْدَ احْتِلَامٍ»، وَتَمَامُ الدَّلَالَةِ من هذا الحديث في قوله تعالى: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشكر لِي﴾، وقال: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شهرا﴾ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الرَّضَاعَةَ لَا تُحَرِّمُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ يروى عن علي وابن عباس وابن مسعود وهو مذهب الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: سنتان وستة أشهر. وقد روى عن عمر وعلي أنهما قال: لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْحَوْلَيْنِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ سَوَاءٌ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُفْطَمْ، وَيُحْتَمَلْ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْفِعْلَ كَقَوْلِ مَالِكٍ، والله أعلم.
وقد روي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا كَانَتْ تَرَى رِضَاعَ الْكَبِيرِ يُؤَثِّرُ فِي التحريم، وهو قول عطاء وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ بِمَنْ تَخْتَارُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ لِبَعْضِ نِسَائِهَا فَتُرْضِعُهُ، وَتَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ (سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ) حَيْثُ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ وَكَانَ كَبِيرًا، فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَأَبَى ذَلِكَ سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ وَرَأَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْخَصَائِصِ، وهو قول الجمهور، وحجة الجمهور مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «انْظُرْنَ مِنْ إخوانُكنَّ! فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ».
وقوله تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَيْ وَعَلَى وَالِدِ الطِّفْلِ، نَفَقَةُ الْوَالِدَاتِ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، أَيْ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِنَّ فِي بَلَدِهِنَّ، مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا إِقْتَارٍ، بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ فِي يَسَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَإِقْتَارِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عسر يسرا﴾، قال الضحّاك: إذا طلق زَوَّجْتَهُ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، فَأَرْضَعَتْ لَهُ وَلَدَهُ وَجَبَ عَلَى الْوَالِدِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ أي بأن تَدْفَعُهُ عَنْهَا لِتَضُرَّ أَبَاهُ بِتَرْبِيَتِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لها دفعه إذا ولدته حتى تسقيه اللبن الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِ تَنَاوُلِهِ غَالِبًا، ثُمَّ بعد هذا لها دفعه عَنْهَا إِذَا شَاءَتْ، وَلَكِنْ إِنْ كَانَتْ مُضَارَّةً لِأَبِيهِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا ذَلِكَ، كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا لِمُجَرَّدِ الضِّرَارِ لَهَا وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ﴾ أَيْ بِأَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْتَزِعَ الْوَلَدَ مِنْهَا إِضْرَارًا بها قاله مجاهد وقتادة.
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ قِيلَ: فِي عَدَمِ الضرار لقريبه، قاله مجاهد وَالضَّحَّاكُ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَى وَالِدِ الطِّفْلِ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَالِدَةِ الطِّفْلِ، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدِ اسْتَقْصَى ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وجمهور السلف، ويُرجَّح ذَلِكَ بِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عُتِقَ عَلَيْهِ» وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الرَّضَاعَةَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ رُبَّمَا ضَرَّتِ الولد إما في بدنه أو في عقله.
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ أي فإن اتفق والد الطِّفْلِ عَلَى فِطَامِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَرَأَيَا فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُ، وَتَشَاوَرَا فِي ذَلِكَ وَأَجْمَعَا عَلَيْهِ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ لَا يَكْفِي، وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يستبد بذلك من غير مشاورة الآخر، ⦗٢١٣⦘ وَهَذَا فِيهِ احْتِيَاطٌ لِلطِّفْلِ، وَإِلْزَامٌ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِهِ، وَهُوَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ، حَيْثُ حَجَرَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ فِي تَرْبِيَةِ طِفْلِهِمَا، وَأَرْشَدَهُمَا إلى ما يصلحهما ويصلحه كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أخرى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَإِن أرادتم أن تسترضعوا أولدادكم فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بالمعروف﴾ أي إذا أنفقت الوالدة والوالد على أن يستلم منها الولد، إما لعذر منها أو لعذر منه، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي بَذْلِهِ وَلَا عَلَيْهِ فِي قَبُولِهِ مِنْهَا إِذَا سَلَّمَهَا أُجْرَتَهَا الْمَاضِيَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَاسْتَرْضَعَ لِوَلَدِهِ غَيْرَهَا بِالْأُجْرَةِ بالمعروف، وَقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَيْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ ﴿واعلموا أَنَّ الله بما تعملون بصر﴾ أَيْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْوَالِكُمْ وأقوالكم.

(١) لا يُتْم: بسكون التاء. يعني أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام صغار الأيتام

1 / 211