Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Daabacaha
دار السلام للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ حَيْثُ قَالُوا: الْحَجُّ إِلَى مَكَّةَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ مَنْ وَجَدَ مَا يَحُجُّ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ كُفْرٌ بِهِ.
[٩٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران: ٩٨]
[٩٩] ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٩٩] أَيْ: لِمَ تَصْرِفُونَ عَنْ دِينِ الله، ﴿مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا﴾ [آل عمران: ٩٩] تطلبونها، ﴿عِوَجًا﴾ [آل عمران: ٩٩] زَيْغًا وَمَيْلًا، يَعْنِي: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بَاغِينَ لَهَا عِوَجًا؟ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعِوَجُ - بِالْكَسْرِ- فِي الدِّينِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَالْعَوَجُ - بِالْفَتْحِ - فِي الْجِدَارِ، وَكُلِّ شَخْصٍ قَائِمٍ، ﴿وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران: ٩٩] أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبًا نَعْتُ مُحَمَّدٍ ﷺ دِينَ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ غيره هو الإسلام.
[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا] مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ. . . .
[١٠٠] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ١٠٠] يعني: مرشاسًا وأصحابه، ﴿يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٠٠] قَالَ جَابِرٌ: فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ يومًا أقبح، أو لا أحسن مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبَ:
[١٠١] ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٠١] يَعْنِي: وَلِمَ تَكْفُرُونَ؟ ﴿وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠١] القرآن ﴿وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ [آل عمران: ١٠١] مُحَمَّدٍ ﷺ، قَالَ قَتَادَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَمَانِ بَيِّنَانِ: كِتَابُ اللَّهِ وَنَبِيُّ اللَّهِ، أَمَّا نَبِيُّ اللَّهِ فَقَدْ مضى، وأما كتاب الله فقد أبقاه بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ ونعمة، ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠١] أَيْ: يَمْتَنِعْ بِاللَّهِ وَيَسْتَمْسِكْ بِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ، ﴿فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٠١] طَرِيقٍ وَاضِحٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ أَيْ: يُؤْمِنْ بِاللَّهِ، وَأَصْلُ الْعِصْمَةِ: الْمَنْعُ، فَكُلُّ مَانِعٍ شَيْئًا فَهُوَ عَاصِمٌ لَهُ.
[١٠٢] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٢] قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقِتَالٌ حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَافْتَخَرَ بعده منهم رجلان فَغَضِبَا وَأَنْشَدَا الْأَشْعَارَ وَتَفَاخَرَا، فَجَاءَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَمَعَهُمُ السِّلَاحُ، فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ يُطَاعَ فلا يعصى، وقال مُجَاهِدٌ: أَنْ تُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَلَا تَأْخُذُكُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَتَقُومُوا لِلَّهِ بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وآبائكم وأبنائكم، قال أهل التفسير: لما نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَقْوَى عَلَى هَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التَّغَابُنِ: ١٦] فَنُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] أَيْ مُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: مُخْلِصُونَ مُفَوِّضُونَ أُمُورَكُمْ إِلَى اللَّهِ ﷿، وَقَالَ الْفُضَيْلُ: مُحْسِنُونَ الظَّنَّ بِاللَّهِ.
[١٠٣] قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠٣]
1 / 140