Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

Abdullah Al-Zaid d. Unknown
79

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Daabacaha

دار السلام للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

لِلْمُسْتَحَاضَةِ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ»، وَإِنَّمَا تَدَعُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵁ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطلق لَهَا النِّسَاءُ» (١) فَأَخْبَرَ أَنَّ زمان العدة هو الطهر ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] قَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي الْحَيْضَ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الرَّجُلَ مُرَاجَعَتَهَا، فَتَقُولُ قد حضت الثلاثة، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي الْحَمْلَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ كِتْمَانُ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ لِتُبْطِلَ حَقَّ الزَّوْجِ مِنَ الرَّجْعَةِ وَالْوَلَدِ. ﴿إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ٢٢٨] مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَةُ وَالْكَافِرَةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءً، كَمَا تَقُولُ: أَدِّ حَقِّي إِنْ كنتَ مُؤْمِنًا، يَعْنِي: أَدَاءَ الْحُقُوقِ مِنْ فعل المؤمنين ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] يَعْنِي: أَزْوَاجَهُنَّ جَمْعُ بَعْلٍ، كَالْفُحُولَةِ جَمْعُ فَحْلٍ، سُمى الزَّوْجُ بَعْلًا لِقِيَامِهِ بِأُمُورِ زَوْجَتِهِ، وَأَصْلُ الْبَعْلِ السيد والمالك ﴿أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أَوْلَى بِرَجْعَتِهِنَّ إِلَيْهِمْ، ﴿فِي ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أي: في حال العدة، ﴿إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨] أَيْ: إِنْ أَرَادُوا بِالرَّجْعَةِ الصَّلَاحَ وحُسن الْعِشْرَةِ لَا الْإِضْرَارَ، كَمَا كانوا يفعلونه في الجاهلية كالرجل يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فإِذا قَرُبَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا مُدَّةً ثم طلقها، فَإِذَا قَرُب انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ طَلَّقَهَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، ﴿وَلَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أَيْ: لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ ﴿مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] للأزواج ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَاهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِامْرَأَتِي كَمَا تُحِبُّ امْرَأَتِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: ٢٢٨] قال ابن عباس: لما سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الْمَهْرِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالْجِهَادِ، وَقِيلَ: بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ: بِالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: بِالْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: بِالدِّيَةِ، وَقِيلَ: بِالطَّلَاقِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: بِالرَّجْعَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: بِالْإِمَارَةِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) مَعْنَاهُ: فَضِيلَةٌ فِي الْحَقِّ، ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٨] [٢٢٩] قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي الِابْتِدَاءِ يُطَلِّقُونَ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَلَا عِدَدٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا قَارَبَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثم طلقها كذلك

(١) رواه البخاري في الطلاق٩ / ٣٤٥ ومسلم في الطلاق رقم (١٤٧١) ٢ / ١٠٩٣والمصنف في شرح السنة ٩ / ٢٠٢.

1 / 87