Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Daabacaha
دار السلام للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
الْآيَةُ الْأُولَى بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَصْلُ الثقافة الحِذْقُ والبصر بالأمر، ومعناه: واقتلوهم حيث أبصرتم مُقَاتَلَتَهُمْ وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ قَتْلِهِمْ، ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ [البقرة: ١٩١] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ كَمَا أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ، ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ١٩١] يَعْنِي: شِرْكُهُمْ بِاللَّهِ ﷿ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ مِنْ قَتْلِكُمْ إِيَّاهُمْ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١] كان هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، كَانَ لَا يَحِلُّ بِدَايَتُهُمْ بِالْقِتَالِ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ صَارَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣] هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: قَوْلُهُ: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)، أَيْ: حَيْثُ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فِي الحِلّ وَالْحَرَمِ، صَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ فِي بَرَاءَةٌ، فَهِيَ نَاسِخَةٌ مَنْسُوخَةٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَلَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ، ﴿كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ١٩١]
[١٩٢] ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ [البقرة: ١٩٢] عَنِ الْقِتَالِ وَالْكُفْرِ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٢] أَيْ غَفُورٌ لِما سلَفَ رَحِيمٌ بالعباد.
[١٩٣] ﴿وَقَاتِلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩٣] يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، ﴿حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣] أَيْ شِرْكٌ، يَعْنِي قَاتِلُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا فَلَا يُقْبَلُ مِنَ الْوَثَنِيِّ إِلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى قُتل، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ﴾ [البقرة: ١٩٣] أي: الطاعة والعبادة ﴿لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣] وحده فلا يُعبد شيء دونه ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا﴾ [البقرة: ١٩٣] عَنِ الْكُفْرِ وَأَسْلَمُوا، ﴿فَلَا عُدْوَانَ﴾ [البقرة: ١٩٣] فَلَا سَبِيلَ ﴿إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٩٣] قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ [القصص: ٢٨] أي: فلا سبيل علي، وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: الْعُدْوَانُ: الظُّلْمُ، أَيْ: فَإِنْ أَسْلَمُوا فَلَا نَهْبَ وَلَا أَسْرَ وَلَا قَتْلَ، إِلَّا عَلى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ بَقُوا عَلَى الشِّرْكِ، وَمَا يُفْعَلُ بِأَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا، وَسَمَّاهُ عُدْوَانًا عَلَى طَرِيقِ المجازات وَالْمُقَابَلَةِ، كَمَا قَالَ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٩٤] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشُّورَى: ٤٠] وسُمي الْكَافِرُ ظَالِمًا لِأَنَّهُ يَضَعُ الْعِبَادَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
[١٩٤] ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٤] نزلت هذه الآية فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيُّ ﷺ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فصالَح أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَنْصَرِفَ عَامَهُ ذَلِكَ وَيَرْجِعَ الْعَامَ المقبل فَيَقْضِيَ عُمْرَتَهُ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامَهُ ذَلِكَ، وَرَجَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَقَضَى عُمْرَتَهُ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ)، يَعْنِي ذَا الْقِعْدَةِ الَّذِي دَخَلْتُمْ فِيهِ مَكَّةَ، وَقَضَيْتُمْ فِيهِ عُمرتكم سَنَةَ سَبْعٍ، بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ، يَعْنِي: ذَا الْقِعْدَةِ الَّذِي صُددتم فِيهِ عَنِ الْبَيْتِ سَنَةَ سِتٍّ ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾ [البقرة: ١٩٤]
1 / 71