موضعها. وكانت جُرْهم قد غلبت آلَ إسماعيل على مكة، وملكوها زمانًا طويلا. ثم أفسدوا في حرم الله. فوقع بينهم وبين خُزاعة حرب، وخزاعة من قبائل اليمن، من أهل سبأ. ولم يدخل بينهم بنو إسماعيل. فغلبتهم خزاعة. ونفت جرهما من مكة. وكانت جرهم قد دفنت الحجر الأسود، والمقام وبئر زمزم. وظهر بعد ذلك قصي بن كلاب على مكة. ورجع إليه ميراث قريش. فأنزل بعضهم داخل مكة - وهم قريش الأباطح - وبعضهم خارجها - وهم قريش الظواهر - فبقيت زمزم مدفونة إلى عصر عبد المطلب. فرأى في المنام موضعها. فقام يحفر. فوجد فيها سيوفا مدفونة وحليا، وغزالا من ذهب مُشَنّفًا بالدر. فعلقه عبد المطلب على الكعبة. وليس مع عبد المطلب إلا ولده الحارث. فنازعته قريش، وقالوا له: أشركنا، فقال: ما أنا بفاعل. هذا أمر خُصصت به. فاجعلوا بيني وبينكم مَن شئتم أحاكمكم إليه.
فنذر حينئذ عبد المطلب: لئن آتاه الله عشرة أولاد، وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة. فلما تموا عشرة. وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه. وكتب كل منهم اسمه في قدح. وأعطوها القِدَاح قَيّم هُبَل - وكان الذي يُجِيل القداح - فخرج القدح على عبد الله. وأخذ عبد المطلب المدية ليذبحه. فقامت إليه قريش من ناديها فمنعوه. فقال: كيف أصنع بنذري؟ فأشاروا عليه أن ينحر مكانه عشرا من الإبل. فأقرع بين عبد الله وبينها. فوقعت القرعة عليه. فاغتم عبد المطلب، ثم لم يزل يزيد عشرا عشرا، ولا تقع القرعة إلا عليه، إلى أن بلغ مائة، فوقعت القرعة على الإبل. فنحرت عنه. فجرت سنّة.
1 / 64