والعجب أن الكتب التي بأيديهم، والتي يزعمون أنهم يعرفونها ويعملون بها: فيها مسائل الردة.
وتمام العجب: أنهم يعرفون بعض ذلك ويقرون به، ويقولون: من أنكر البعث كفر. ومن شك فيه كفر. ومن سب الشرع كفر. ومن أنكر فرعا مجمعًا عليه كفر. كل هذا يقولونه بألسنتهم.
فإذا كان من أنكر الأكل باليمين، أو أنكر النهي عن إسبال الثياب، أو أنكر سنة الفجر أو الوتر: فهو كافر. ويصرحون أن من أنكر الإسلام كله وكَذّب به، واستهزأ بمن صدقه: فهو أخوك المسلم، حرام الدم والمال، ما دام يقول: " لا إله إلا الله " ثم يكفروننا، ويستحلون دماءنا وأموالنا، مع أنا نقول: " لا إله إلا الله " فإذا سئلوا عن ذلك قالوا: من كفر مسلما فقد كفر.
تم لم يكفهم ذلك حتى أفتوا لمن عاهدنا بعهد الله ورسوله أن ينقض العهد وله في ذلك ثواب عظيم، ويفتون مَنْ عنده أمانة لنا، أو مال يتيم: أنه يجوز له أكل أمانتنا. ولو كانت مال يتيم، بضاعة عنده أو وديعة، بل يرسلون الرسائل لِدَهام بن دَوَّاس وأمثاله: إذا حاربوا التوحيد ونصروا عبادة الأصنام، يقولون: أنت يا فلان قمت مقام الأنبياء. مع إقرارهم أن التوحيد - الذي ندعو إليه، وكفروا به وصدوا الناس عنه - هو دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأن الشرك - الذي نهينا الناس عنه، ورغبوهم فيه، وأمروهم بالصبر على آلهتهم - أنه الشرك الذي نهى عنه الأنبياء. ولكن هذه من أكبر آيات الله، فمن لم يفهمها فليبك على نفسه. والله ﷾ أعلم.
1 / 54